قبل أيام تحدث الرئيس التونسي - الدكتور قيس سعيد -والخطيب المفوّه وأستاذ القانون الدستوري والذي حاز على اصوات الشباب بنسبة ٧٠٪ عند فوزة في الانتخابات الرئاسية التونسية ، تحدث وتطرق في حديثه وقال "ان معيار المنصب الوزاري هو الكفاءة وليس المحاصصة " .
وقد نوه في اكثر من تصريح بما معناه ، ان الوظيفة السياسية امانة عظيمة ترقى بها الشعوب او تنهار ، وان العمل السياسي يرقى في مفهومه عن التقاسمات والتراضيات وحصص الاحزاب .
على ان الرئيس - قيس- يجد نفسه في مع احزاب تونس ( كصالح بين قومه ) لان الاصرار على المحاصصة في نظره تشكل المشكلة وهناك قول وهو - اننا نتوقع من السياسيين حل مشاكلنا مع انهم في الواقع سبب مشاكلنا -
والحقيقة فمنذ ان تابعت سيرة الرئيس التونسي - قيس - وخطاباته وكيف يعيش وعن سكنه المتواضع فقد احسست ان من حسن حظ الشعب التونسي ان دفع بفوز هذه الشخصية العالية النزاهة والتعليم .ولكن هناك مثقالات تقيد مسيرته او انطلاقته .
على ان المحاصصات هي ( اختراع سياسي عقيم ) وقد يصلح لدول لديها تاريخ عدالة وشفافية وقضاء ، بحيث تحاسب الوزير عن كيفية استخدامه لسيارة الوزارة وعن لترات الوقود الذي بددها في مشاوير تسوق .
وعن المحاصصة فهذه الوصفة اللعينة! قد اثبتت فشلها الذريع بل المخيف ، والامثلة لا حصر لها ولكن - لبنان - ضرب المثل المخيف في تمسكه بالمحاصصة المقيتة حتى سقطت لبنان من طوله .
لسنوات عجاف والحكومات اللبنانية المتعاقبة تتداولها وجووه متكررة ، بعضها منذ ان عرفنا لبنان من رئيس البرلمان الى رؤوساء احزاب . رغم ان رؤوساء الاحزاب في بريطانيا لا نتذكرهم لكثرتهم تداولهم هذا المنصب الخطير .
وعن المحاصصات فلو ان احد المستشفيات الحكومية قرر ان يعمل بالمحاصصة في توظيف الاطباء والاستشارين حسب المتبرعين وملاك المستشفى
فكيف سيكون حال المستشفى والمرضى ! وعليهم ان يشتروا - قرافة - لدفن ضحاياهم وكوارث عملياتهم الجراحية المخيفة .
اي عمل يقوم به فريق غير متناغم وغير مؤهل فهذا يعني التخبط بل التربص وبالتالي الفشل .
على ان رئيس الوزراء في حكومة المحاصصة يبدد وقته الثمين في حل خلافات اعضاء الحكومة ونزقهم ومحاولة التوفيق بينهم وهذا على حساب العمل والانتاج وتسيير شأن الأمة .
تصوروا لو عينت حكومة خارج المحاصصة، والتعيين يتم فقط بالتخصص والموهبة ، واركز على الموهبة لان الموهبة تأتي قبل التخصص ، فكيف سيكون حال لبنان خلال سنوات .
ومن نافلة القول ان الساسة في لبنان قد ادمنوا المحاصصات وعطلوا مشاريع البناء والتنمية بسببها، فهم اليوم يمثلون حجر عثرة امام نهوض لبنان من كبواته بل فواجعه .
على انني اعجب في وضع الوزراء الذي يتقلبون في نعمة الوزارات في لبنان ، فبيوتهم قصور فارهة مزينة باجود انواع اللوحات والفرش والاثاث والاثار التاريخية .
الفينيقية . وحينما تسوقك الصدفة لزيارة بيت وزير لبناني تتخيل نفسك في ( إيوان كسرى )
بينما شقة رئيس الوزراء البريطاني - ابو سيكل - وهذا ما اطلقته عليه من لقب لحبه التنقل بالدراجة الهوائية -فأبو سيكل -بوريس جونسون- فشقته في اسواء حال وتحتاج الى صيانة ليستقبل فيها كبار ضيوفه
وعن شقة رئيس الوزراء فقد طلب دعم ترميم من الحكومة لترميم شقته فرفض طلبه . امام هذا الموقف الرافض طلب رئيس الوزراء من المتخصصين في الحكومة ان يطلب منهم السماح له لعمل حملة تبرعات ! وطلب تبرع من الاصدقاء والمعاريف فحصل على مبلغ يكفي الترميم واعاد ما زاد الى الجمعيات الخيرية .
تصوروا رئيس بريطانيا العظمى يطلب تبرعات من اصحابه لترميم شقته المتواضعة، بينما تحت يده كل اموال بريطانيا ! ولكن هذه بريطانيا فهي شديدة في الحق حتى على الملكة اليزابيث فهي أحيانا طلب زيادة راتبها ويرفض طلبها .
يقولون ان الاطفال في لبنان يحفظون اسماء الوزراء بل يستطيعون ان يخمنوا الوزارات التي سوف يتسلمونها ، ذلك الحس السياسي هو تراكم خبرة مشاهدة الاطفال يوميا على الشاشات الملونة لوجووه سحرة فرعرون .
المحاصصة وقعنا فيها في حكومة المناصفة في عدن . فنصفها ضد نصفها ! ويطلبون من الحكومة الشرعية ان تستنهض الهمم وتحل مشاكل الوطن وهي بهذا تعاني من هذا الشلل النصفي . او الفالج . والعرب تقول بعد -الفالج فلا تعالج -
فاروق المفلحي