في ضوء منشوري السابق بعنوان "عدن . . .قبل أن يندلع الحريق" والذي تعرضت فيه لما يعانيه المواطنون في عدن ومدن الجنوب بسبب رداءة الخدمات وانهيارها، وتلاشي قيمة العملة وارتفاع الأسعار فضلا عن انقطاع صرف مرتبات الموظفين الحكوميين، في ضوء ذلك المنشور تلقيت العديد من الملاحظات والانتقادات والتساؤلات فضلاً عن التعليقات التي تؤيد ما تعرضت له.
كثير من التعليقات يتساءل أصحابها: أليس المجلس الانتقالي الجنوبي جزءً من حكومة المناصفة؟ أليس شريكاُ في المسؤولية عما يعانيه المواطنون في مناطق الجنوب؟ ولماذا لا يعلن وزراء الانتقالي انسحابهم من الحكومة إذا كان المجلس يرى أنها تتسبب في تعذيب المواطنين ومضاعفة عذاباتهم ؟؟
والحقيقة أن في مثل هذه التساؤلات شيئاً من الوجاهة إذا ما أخذناها بحسن النية البعيدة عن مكايدات الساسة وحذلقات المتعابثين، ومن أجل الرد على هذه التساؤلات يمكن الإشارة إلى الحقائق التالية:
هذه الأدوات التي تتولى تعذيب وتجويع وحصار أبناء عدن ومحافظات الجنوب لا تختزل في حكومة المناصفة، رئيساً ووزراءً، بل تشمل قيادات حزبية وسياسية مهاجرة منذ أكثر من ست سنوات تتحكم في صناعة القرار السياسي ولا يشعر أفرادها بمعاناة المواطنين بل ويستعذبون استمرار هذه المعاناة، ويسخرونها لتحقيق أهدافهم السياسية المعلنة والخفية، ومن غير شك أنهم ينتظرون اللحظة التي يرفع فيها الشعب الجنوبي الرأية البيضاء، كما يتوهمون.
اتفاق الرياض ليس زواجاً كاثوليكياً حتى يتحول إلى سوط لجلد المواطنين الجنوبيين وإجبارهم على الخضوع لشلة الفساد والطغيان والاستئساد والتنمر، فنجاحه مرهون بتلبية متطلبات حياة الناس وفشله في هذه المهمة يعني فشل الحزمة التي يتضمنها كاملةً ، وهو في هذه الحالة لن يكون فشلاً للذين وقعوا عليه بل أيضاً للذين رعوه وساهموا في إعداده، وأقنعوا ممثلي الجنوب على تقديم التنازلات في سبيل تحقيق مقتضياته الأساسية، وهو (أي الاتفاق) في الأول والأخير لا يجبر المواطنين الجنوبيين على تحمل المجاعة والإفقار والأوبئة والإرهاب والظلام والتلوث وغياب الأمن والعدل وحضور اللادولة.
وأخيراً
كرامة الناس ومعيشتهم وأمانهم وصون حياتهم اعتبارات ومعاني مقدسة تفوق كل الاتفاقات والمواثيق والإعلانات والمعاهدات، وأي من هذه النصوص الورقية لا تساوي الحبر الذي كتبت به ما لم تحترم تلك الاعبارات والمعاني.