هل هي المصادفة أن يعاد الترويج لإشهار ما يسمى بــ"إقليم جضرموت" في الوقت التي تعيش فيه محافظة مأرب حالة حرب هي أقرب إلى حرب الشورع بين أبناء مأرب الأبطال وداعميهم من أبناء المحافظات المجاورة، وجنود حسن أيرلو الذين يحاولون تركيع مأرب المدينة والمحافظة الأبيتين؟؟
ثم ما الذي يستدعي تكرار الحديث السمج عن "إقليم حضرموت" في وقتٍ يحذر فيه الكثير من المتابعين والمحللين السياسيين المحايدين من مغبة القيام بمسرحية انسحاب ما يسمى بـ"الجيش الوطني" ما تبقى من مأرب للالتحاق بألوية القوات "الشرعية" في وادي وصحراء حضرموت والمهرة وفتح الطريق أمام الجماعة الحوثية لاقتحام مناطق الجنوب من جديد؟؟
لا يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق لاكتشاف أن هذه الفقاعات الجوفاء التي ينفخ فيها إعلام خاطفي "الشرعية" لا قيمة لها، لا قانونية ولا سياسية ولا عملية لسبب بسيط وهو إن مخلوق الأقاليم ولد ميتاً وتحول إلى سبب رئيسي من أسباب الانقلاب والحرب وما وصل إليه الوضع في اليمن من خراب ودمار وتجويع وتشريد وتفريط، وعندما يكون هذا الأمر مرفوض في شمال اليمن وجنوبه ويصر الخائبون على المناداة به في حضرموت دون سواها فإن السؤال الذي يقفزإلى مقدمة المشهد هو ماذا يراد لحضرموت؟
يعتقد "الشرعيون" الهاربون من مواجهة الحوثي، أن حضرموت هي الحلقة الأضعف في الجنوب، وأنه يمكن تزوير إرادة أهلها عبر استئجار بعض الأصوات وانتحال أية صفة لهم، ثم يبني هؤلاء المتنفذون "الشرعيون" على ذلك حلم مواصلة هيمنتهم على مصادر الثروة والنفوذ وعلى حيوات أهل حضرموت وحرياتهم بالبسط على حضرموت، بصورة ("قانونية") منتحلة بعد أن سيطروا عليها اكتساحاً واغتصاباً واستباحةً منذ العام 1994م.
ما ينبغي أن يستوعبه هؤلاء أن من يهرب من دياره لا يمكنه أن يذهب نازحا شاردا من الهزيمة ثم يتحول إلى متحكمٍ في مصائر من نزح إليهم، والأهم من هذا أن يستوعب هؤلاء أن حضرموت ومثلها كل محافظات ومدن ومديريات الجنوب، ليست أرضا بلا شعب ليهيمن عليها من أصبحوا بلا أرض بعد أن فرطوا بأرضهم هرباً من المواجهة واستثماراً في الحرب وعوائدها المهولة.
حضرموت ستكون إقليماً، . . .نعم ستكون إقليماً مثل بقية شقيقاتها في أقاليم شبوة والمهرة وسقطرة وأبين ولحج وغيرها من مناطق الجنوب، ولكن في إطار الدولة الجنوبية الاتحادية متعددة الأقاليم، وليس ضمن مشروع تفكيك الجنوب وتحويله إلى ملجأ للهاربين من ديارهم.
حضرموت ليست وحدها، والاستفراد بها لا ينفع لأن الجنوب ليس ثورا ابيضَ ولا أحمرَ ولا أسودَ حتى يؤكل فرادى.
كل الجنوب حضرموت وكل حضرموت الجنوب.
وليخسأ الخاسئون.