طال بأبناء الجنوب أمد البحث عن حل للخلاف القائم والذي بات يشكل حائل دون الوصول إلى اتفاق يفضي إلى الاقتناع بتشكيل قيادة موحدة تقود المراحل القادمة من العمل الثوري بعد أن أوصل الشعب الجنوبي رسالته للعالم ومطالبه التي تتلخص في الاستقلال والحرية !!
وعلى كثرة المحاولات كان الفشل حاضرا وكانت ومازالت دائما ما تنتهي تلك المحاولات عند الاقتراب من أسوار حكام الجنوب السابقين الذين اغتصبوا الجنوب منذ عام 1967م وحتى 22مايو90م , وفي اعتقادي أن هؤلاء هم سبب مشاكل الجنوب السابقة والحالية وسيكونون السبب أيضا في المشاكل القادمة ,وعلى الرغم من وضوح هذه الحقيقة فأن ثوار الداخل الجنوبي ما زالوا يحلمون بأن يأتي الانفراج من مكاتب هؤلاء الساسة الكهول وهو الأمر الذي يضع القضية برمتها على طاولة (المقامرة) ويظهر عجز الثوار في الداخل الجنوبي عن المضي بدون هؤلاء الذين باتوا بدورهم يدركون إمكانات الداخل المتواضعة من حيث القدرة على صنع قيادة تتجاوزهم وبالرهان على ذلك يتمادون في غيهم وعبثهم بمصير الأمة الجنوبية !!!
أن استمرار تلك القيادات في رفض التوافق فيما بينها على الرغم أنها أي (تلك القيادات) تمثل توجه واحد وفكر ومدرسة واحدة وتنتمي إلى حزب واحد والاهم من ذلك كله انه بات يحملها (قارب واحد) وضعتها فيه مراحل حكمها للجنوب سابقا وما شهده هذا الجنوب في عهدها من جرائم تهز الضمير الإنساني أمر يفترض به أن يثير تساؤلات ثوار الداخل ويستوقفهم كثيرا للبحث عن المبررات الحقيقية لهذا التعنت والخلاف فيما بينهم كأعضاء لحزب واحد وفكر واحد ومدرسة واحدة ولكن للأسف نرى البعض من ثوار الداخل قد وهب نفسه ووقته للتفكير في إيجاد صيغة (لصفقة) يخلق من خلالها التراضي بين هؤلاء الساسة المتعنتين ونراه يقيم المحاضرات والندوات لذلك , وخلال كل ذلك لم نرى احد كان حزبا أو جماعة أو هيئة أو مجلسا أو غيره قد فكر في إقامة ورشة عمل أو ندوة تدرس إمكانية التمرد على عبودية هذه القيادات ( الخرفة) الكامنة في أعماق الذات الجنوبية التي خلقتها ثقافة ما يقارب ربع قرن من ( غسيل المخ) ومحاولة خلق قيادة داخلية تقود العمل السياسي والثوري الجنوبي !!!
هناك من مازال يستهويه الضحك على ذاته وعلى الآخرين فتراه دائما ما يكرر الاسطوانة المضحكة (لصراع الأهداف الثورية) بين هؤلاء الساسة وهو أمر اشهد لهؤلاء الساسة به بأنهم قد نجحوا في جر مثقفي الجيل الجديد وثواره إليه والى الزاوية المظلمة التي أرادوا إيصالهم إليها وهي زاوية الصراع مع عدو لا ملامح له ولا وجود له إلا في مخيلة هؤلاء الثوار الأمر الذي بتنا معه كثوار أكثر خطرا على قضيتنا ومستقبلها من المحتل الشمالي ذاته !!!
في اعتقادي أن أسباب فشل محاولات التقريب بين هؤلاء الساسة لا يرجع لما هو ظاهر على السطح وما يتناوله ثوار الجنوب في الداخل والخارج , وما يحاول يروج له البعض في مطابخ هؤلاء الساسة من أسباب , وإنما هناك أسبابا أخرى وهي ليست خفية ومعطياتها حاضرة ومؤشراتها دائما ماثله أمامنا , فقط هي تحتاج منا إلى الابتعاد عن مربع فوضى الولاء للأشخاص والانتقال إلى مربع هدوء الولاء للجنوب وحينها ستسقط الهالة التي صنعتها ولاءاتنا للأشخاص عن هؤلاء الساسة وستنجلي أمامنا حقيقتهم ونرى ما كنا نتحاشى رؤيته بفعل محبتنا وانبهارنا بهؤلاء الذين لم نرى غيرهم قادة لنا في يوما ما !!!
اعتقد أن الوقت قد حان بل أنني أرى أننا قد تأخرنا كثيرا للكف عن تصغير أنفسنا والسخرية من عقول بعضنا البعض وتكبيل أفكارنا بالاستسلام لما تروج له بعض المطابخ الإعلامية المخرجة من مكاتب بعض هؤلاء الساسة والتي جعلتنا نؤمن وبالمطلق بأن الخلاف القائم بين هؤلاء هو خلاف في الرؤى والأهداف لأننا كثوار متابعين لما يطرأ على المشهد السياسي الجنوبي وبشكل يومي من متغيرات نرى أن هذا الطرح ما هو إلا محاولة جديدة لإعادة تجربة وصفات سياسية قديمة اعتاد هؤلاء الساسة تجربتها علينا , وأظن انه وحتى نتحرر من ولاءنا للأشخاص و نواجه الأسباب الحقيقية الماثلة أمامنا لخلافات هؤلاء الساسة يجب علينا القيام بأي فعل من شأنه أن يحافظ لنا على أرضية صحية للجنوب تقبل مستقبلا قيام جنوب جديد خالي من الديكتاتوريات وحكم الأفراد , وبداية لذلك علينا الإقلاع عن عادة رص البضاعة القديمة بالطريقة القديمة ذاتها ظنا منا أن حل الخلاف يكمن في كيفية رص أسماء هؤلاء الساسة وان رص تلك الأسماء وبشكل معين سيحمل حلا لخلافاتنا , فلا (رصة) (البيض , ناصر, حيدر) ستحل القضية وتتجاوز الخلاف ولا( ناصر, البيض, حيدر ), ولا( حيدر , ناصر , البيض) نافعة لحل مشكلتنا القائمة حتى وان تزينت كل (الرصات) بالسيد عبد الرحمن الجفري لتخزي العين وتظهر (زورا) القبول بالآخر !!!
في رأيي أن الظل لا يمكن له أن يستقيم والعود اعوج وهذا ما علمتنا إياه دروس الحياة والحكم المتداولة وبالتالي فا لأجدر بنا الخروج من مربع مراضاة رفاق الحزب الواحد والولوج إلى مربع إرضاء الجنوب وأبناءه وذلك من خلال الدعوة إلى إعلان تيار جنوبي ممانع ومناهض لأهداف بعض الجماعات التي تسعى لاغتصاب الشرعية في الجنوب , وذلك درءا لما قد تحمله الأيام القادمة من أفعال صبيانية (لطيش) ما بعد السبعين عاما للبعض الذين مازالت السلطة تستهويهم ومازال الحنين إلى الماضي يسيطر على حشاشتهم وما زال عبيدهم يرفضون الحرية ويجهلون معناها وبالتالي فهم لا يتوانون في مناداتهم ليلا ونهارا للعودة وحمل السياط مرة أخرى لجلدهم وامتهان كرامتهم !!!
كما أنني أرى أيضا أن يقوم هذا التيار على التسليم بالحقائق أولا بأن لا شرعية سبق وقامت في الجنوب منذ 1967م وحتى 22مايو90م وان كل أشكال الحكم التي قامت في جنوبنا الغالي ما هي إلا حركات اغتصاب قامت بها بعض القوى ضد القوى الأخرى وأقصتها عن السلطة وفي كثير من الأحيان عن الوطن بل وعن الحياة ذاتها وان كل الحكام الذين حكموا الجنوب إنما أبحرت سفن مواكب شرعيتهم إلى قصر الرئاسة عبر نهر الدم الجنوبي الذي يجب أن يصان وتكون له حرمة في الجنوب القادم أن شاء الله !!!
ثانيا أن يؤمن هذا التيار بان الدعوة للتوافق بين أبناء الجنوب قيادات وقواعد ليس من العدل ولا من العقل ولا من المنطق أن تقوم على أساس( رصة) البقالة الاشتراكية حتى وان تزينت بالسيد الجفري كسياسي عانى من الإقصاء والتشريد ولكن ألصحيح أن يقوم هذا التوافق الجنوبي على التمثيل الجنوبي التالي وهو التمثيل الذي يحاكي حقيقة الخلاف الجنوبي الأزلي الذي يحاول البعض جر الجنوب وأبناءه بعيدا عنه وهو كا لتالي:-
1- ممثلين للقوى التي حكمت منذ1967م وحتى 22مايو1990م .
2- ممثلين للقوى التي أقصيت وشردت منذ1967م وحتى 22مايو1990م .
3- ممثلين للقوى الحية الجديدة على الساحة الجنوبية والتي تتكون من الشباب وغيرهم من الفئات السياسية والشعبية والاجتماعية الجنوبية . ويتشكل من هذه القوى جميعا مجلس وطني توافقي متساوي تنبثق عنه قيادة توافقية تمثل الجنوب وأهله يكون مهمتها قيادة مراحل الثورة الجنوبية , على أن يتسع هذا التيار لكل أبناء الجنوب من كافة أطياف المجتمع الجنوبي ومن كافة القوى السياسية والشعبية والشبابية وغيرها , ولا يشترط للالتحاق بهذا التيار التخلي عن الانتماء السياسي .
هذه دعوة موجهة لأبناء الجنوب الطامحين غير المستسلمين وللحالمين بجنوب جديد يحترم آدمية الإنسان الجنوبي ويقوم على أساس التعدد الفيدرالي والسياسي ويحترم الرأي والرأي الآخر ويمنح الأمان لا بناءه بعدم تكرار دورات الدم التي خلفت جيشا من الأرامل والثكلى والأيتام الجنوبيين الذين يحتاجون اليوم لأكثر من وزارة لإدارة شئونهم !!!!