يومًا تلو الآخر تتكشف أبعاد تمسك الشرعية الإخوانية بسلطة فشلت في الاستجابة لواجباتها، حيث لم يعد الأمر مرتبطًا فقط بمصالحها مع المليشيات الحوثية في الشمال لكن يبدو أن تمكنها من السيطرة على تدفقات الأموال التي تأتي من الخارج لإنقاذ الوضع الإنساني والكارثي في الداخل يأتي على رأس العوامل التي تجعلها ماضية في خطط السيطرة على السلطة لحماية الفاسدين من رموزها.
ما كشف عنه تقرير خبراء الأمم المتحدة أخيرًا والذي اتهم الشرعية الإخوانية بغسل الأموال والفساد، وإعاقة وصول الإمدادات الغذائية الكافية للسكان، نتيجة التلاعب بسوق الصرف الأجنبي، بعد أن تلقى البنك المركزي ملياري دولار وديعة من المملكة العربية السعودية في يناير من العام 2018، يبرهن على أن الشرعية الإخوانية لن تتخلى عن رأس السلطة وستظل مليشيات الإخوان تخوض حربًا طويلة المدى من أجل تأمين مصالحها ونفوذها.
حال أقدمت الشرعية الإخوانية على تغيير بوصلة حربها ونفذت بنود اتفاق الرياض الذي تقوم فلسفته بالأساس على مجابهة المليشيات الحوثية وإنهاء الحرب الدائرة تمهيدًا للانخراط في عملية سياسية شاملة، فإنها لن تتمكن من المضي قدمًا في استمرار فسادها وسرقة موارد الدولة من دون رقيب أو حسيب، وأن حالة التفكك الحالية تعد الصيغة الأنسب لها حتى تضمن هيمنتها على مقدرات الجنوب.
تمكين حكومة المناصفة من أداء أعمالها وتنحية مليشيات الإخوان التي ظلت مسيطرة على اتخاذ القرار طيلة السنوات الماضية بمثابة نهاية لكثير من عمليات الفساد والسرقة التي طالت الودائع التي قدمها التحالف العربي طيلة السنوات الماضية لإنقاذ الأوضاع الإنسانية وتهيئة البيئة المناسبة لمواجهة المليشيات الحوثية، وهو أمر لا يسمح به اللوبي الإخواني الذي يقوده جنرال الإرهاب علي محسن الأحمر.
يدفع الأحمر باتجاه زيادة وتيرة التوتر بين الشرعية الإخوانية والمجلس الانتقالي الجنوبي، حتى لا يكون هناك أي فرص لإنجاح حكومة المناصفة، وهو ما ظهر من خلال القرارات المشبوهة للرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي والتي لحق بها تحشيد عسكري من مواقع شمالية عديدة إلى شبوة وأبين، وتدشين ميناء جديد لتسهيل مهمة تمويل العناصر الإرهابية بالجنوب، مع زيادة حدة العداء الإعلامي ضد الجنوب وذهاب قيادات الشرعية الإخوانية نحو الاستعداد لشن حرب جديدة على الجنوب.
حققت الشرعية الإخوانية جزءا من أهدافها حتى الآن بعد أن عرقلت حكومة المناصفة من تأدية أعمالها وسط حالة من التوتر الأمني في الجنوب، غير أن التحالف العربي مازالت أمامه الفرصة مواتية لوقف هذه الانتهاكات من خلال تفعيل باقي بنود اتفاق الرياض والمضي قدمًا باتجاه تنفيذ ما تبقى من الشقين السياسي والعسكري، مع استمرار أدواره الأمنية المهمة لوقف عمليات التحشيد المستمرة إلى جبهة شقرة.
*- رأي المشهد العربي