لم يكن القلق الذي راود البعض بخصوص فعالية المهرة المؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي والمطالبة بالإدارة الذاتية يوم السبت (25/7/2020م )، نابعاً من التشكيك أو عدم الثقة بانتماء أبناء المهرة إلى قضية الجنوب والهوية الجنوبية، لكن مبرر هذا القلق كان ينبع من إدارك التعقيدات المحيطة بالحياة السياسية في هذه المحافظة الجميلة الأصيلة النبيلة ، وأبرز هذه التعقيدات تتمثل في وقوع معظم مساحات محافظة المهرة ومدنها تحت سيطرة القوات الوافدة مما وراء مأرب، فضلاً عن تفريخ المليشيات بمختلف مسمياتها وصفاتها "الحوثية، الإخوانية، وجماعات تجار السلاح والممنوعات والمهربات" فضلا عن نفوذ جماعات المصالح وعصابات الفساد "الشرعي وغير الشرعي".
تلك التعقيدات المترسخة ومعها التعقيدات المفتعلة لو كانت في محافظة ذات أربعة مليون لحالت دون تجمع مئات الناس في فعالية جماهيرية يعترض عليها كل النافذين في المحافظة ولا يتمسك بها إلا المواطنون العُزَّل إلا من إراداتهم، لكن المهرة فعلتها وهي ذات المساحات المترامية والدائرتين الانتخابيتين الوحيدتين.
أحد الزملاء أعضاء مجلس النواب من إحدى المحافظات ذات الملايين، التي يتعايش ويتعاون الإخوان والحوثيون ويتقاسمون النفوذ فيها سخر من صور فعالية مهرجان المهرة قائلا: هذا العدد يمكن أن نجمعه عندنا من مركز انتخابي واحد، لكن الزميل نسي أنه لا يمكن تجميعهم لا من مركز ولا من عشرين دائرة انتخابية لأنهم لكي يتجمعوا لا بد أن يستأذنوا المشرف الحوثي أو المندوب الإخواني أو هما معاً.
المهرة لم تكن ولن تكون استثناءً بين شقيقاتها المحافظات الجنوبية بملايينها الستة المتمسكين بالهوية الجنوبية والمصير والمستقبل الجنوبي الحر المستقل، بل لقد جاء مهرجان الغيضة ليقول للواهمين والمستزرعين والمفرخين وأصحاب المشاريع المشبوهة إن المهرة جنوبية الهوى والهوية، وأنها جزء من الجنوب الكبير ومرتبطة مصيريا بمستقبل كل الجنوب، وأن ما يخص الجنوب يخص المهرة وما يخص المهرة يخص الجنوب خيراً كان أم شرَّا.
نعم لقد بذل العابثون والمعطلون والبائسون ووكلاء مشاريع البيع والشراء بمستقبل الجنوب، بذلوا جهوداً كبيرة ودسائس ومكائد أكبر منها وأموالاً أكبر من الأكبر لكن كل هذا لم يكسر الإرادة الجنوبية المتأصلة في وجدانات ووعي وعقول ومشاعر المهريين والمهريات.
سيحتاج خصوم المهرة ـ خصوم كل الجنوب ومشروعه التحرري، فترةً زمنيةً ليستوعبوا حجم الصدمة التي تعرضوا لها والخيبة التي أصابتهم وهم يرون المهرة وأبناءها وبناتها يكسرون كل الممنوعات ويتمردون على كل الحواجز والمكائد وينتصرون للمشروع الجنوبي الكبير الممتد من زًقًر وحنيش في البحر الأحمر حتى آخر منفذ في حوف وحبروت
تحية معطرة بالحب والوفاء لكم يا أبناء وبنات المهرة وهنيئا لكم فوزكم وتفوق ما في صدوركم من إرادة وعزم وإصرار على مكائد العابثين وأسلحة المليشيات وسجون هواة التنكيل وخروجكم فائزين في جائزة السباق بين الإرادة والقناص.