اوجدت الوحدة حالة من التوازن السياسي والعسكري بين قطبي الحكم سمحت لحزب الإصلاح بنشر نفوذه، والتغلغل داخل مؤسسات الدولة بكل سهولة ويسر، لكن الحزب بدلا من أن يحرص على استمرار ذلك التوازن الذي خدمه بشكل كبير، سعى بكل جهده للتخلص من الحزب الأشتراكي، ظنا منه أنه سيكون بدونه أقوى، فدفع الثمن غاليا، فبعد هزيمة الاشتراكي في 94 عمل المؤتمر على تحجيمه حتى لا يشكل خطرا على سلطته، فتراحع نفوذه وتأثيره داخل البلاد بشكل كبير.
في عام 2011 ارتكب الاصلاح الخطأ نفسه، عندما تحالف أثناء ثورة الشباب مع الحركة الحوثية المذهبية للتخلص من حزب المؤتمر، الذي وفر له مساحة من النفوذ والمصالح داخل الدولة لم يوفرها أي حزب حاكم لأي حزب آخر في الوطن العربي باكمله، فتراجعت سلطة المؤتمر، وتقوى نفوذ الحركة الحوثية حتى وصلت صنعاء، فكانت النتيجة كما يعرفها الجميع قاسية جدا على الاصلاح .
في الوقت الحالي يرتكب الاصلاح الخطأ نفسه بمحاولاته التخلص من قوة الانتقالي الجنوبي الذي يقف معه في نفس الجبهة ضد الحركة الحوثية التي تهدد الجميع، فالحركة مازالت قوية، والتخلص من قوة الانتقالي لن يخدم الإصلاح الذي يخسر أمامها كل يوم جبهة، وإنما يخدم الحركة الحوثية.
المنطق يقول من مصلحة الإصلاح ومصلحة جميع القوى التي تواجه الحركة الحوثية، أن تتجاوز خلافاتها في الوقت الراهن، وتسخر كل جهودها للتخلص من الحركة المذهبية التي لن تتعايش مع أحد. إذا نجحت تلك القوى في التخلص من خطر الحركة الحوثية، حينها يمكن لها أن تفتح المجال لخلافتها ومنافساتها على المستقبل، وإذا عجزت في هزيمتها، فعلى الاقل لن تندم، ولن تلعن نفسها، ولن يلعنها التاريخ.