لم تعد هناك، على الأرض، جمهورية يمنية، ولا دولة مركزية، ولا حكومة مقيمة، ولا عاصمة محددة، ولا جيش وطني، ولا برلمان، ولا شرعية دستورية. كل ما هنالك هو جماعة طائفية تسلمت تلك الجمهورية، والدولة، والحكومة، والعاصمة، والجيش، ولها شرعية إعلانها الدستوري، وبالمقابل هناك شراذم وفلول يمنية مستضافة في الرياض وبعض الدول، وتدعي، إعلامياً، تمثيل الجمهورية، والدولة، والحكومة، والبرلمان، بلا عاصمة، أو جيش، أو أدنى شرعية دستورية.
دون خوض في تفاصيل ما بعد هذا، فإن حضرموت مثلاً ليس لمواطنيها المنتهكة حقوقهم أي مصلحة مع أي من الطرفين المنقلب والمنقلَب عليه، بل هي منهوبة حتى هذه اللحظة، وهي أولى بإعلان الإدارة الذاتية لمواردها وإيراداتها، بنسخة حضرمية، بدلاً من أن يؤدي مسؤولوها وعساكرها ورجال أمنها دور الحراسة والحماية مقابل فتات مهين، وسوء خدمات، وارتهان للطرفين حتى يحلا مشاكلهما ليتفقا مجتمعين على فرض خياراتهما على حضرموت أو تفكيك نسيجها الاجتماعي وإعادة تعزيز السيطرة على قرارها المسيطر عليه فعلاً عبر أدوات مرتهنة.
الإدارة الذاتية ليست جريمة ولا فوضى أو تمرداً أو ما شابه. إنها أن تكون سيداً على برّك وبحرك وثروتك وتأمين خدماتك الأساسية لا أن تكون حارساً بائساً على بوابة مال أبيك أو وكيلاً لتحصيل الغلال للصوص، بينما أولادك يتضورون كل شيء وليس جوعاً فقط.
واحد من اثنين: إما أن تُضبط الموارد والإيرادات، وتُوظّف لمصلحة الشعب، وإما أن يعلن مسؤولو حضرموت، مدنيين وعسكريين، أنهم مجرد حراس ووكلاء للصوص فقط.
غير هذا ذل لا يليق بأي مواطن حر في حضرموت، في دمه ذرات من انتماء حقيقي للأرض والإنسان. فمن يهمهم إعلان الإدارة الذاتية، وأنا منهم، ليست لديهم أملاك ولا مناصب ولا أرصدة ولا وكالات ولا مقاولات من الباطن ولا ملفات فساد، وهم لا يهدفون إلى انقلاب على أي مسؤول حضرمي، بل أن يكون أي مسؤول من أجل حضرموت أولاً، لا أن تكون حضرموت، أولاً وعاشراً، من أجل مسؤولين وظيفتهم حراسة مصالح تلك الشراذم والفلول اليمنية، في حضرموت بالوكالة عنهم.
* الإدارة الذاتية، بنسختها الحضرمية، قوة لانتزاع حقوق حضرموت الأساسية التي لا يختلف عليها اثنان. وحضرموت قادرة على تقديم النموذج، لكن قرار الإدارة يحتاج إرادة.
.
(لعناية الأخ المحافظ ووكيليه الرئيسين).