تذكر بألم تاريخي جملة سمعتها في جلسة عابرة، من مستثمر طفيلي مشهور - يجيد اللحمسة والمريَغة بمهارة عالية - رداً على سؤال صديق كان يسولف معه عن وضع مشاريعه، في ظل مواجهات شباب الحراك، في حضرموت، مع قوات الأمن المركزي الذي كان في أوج طغيانه. قال بلهجة فيها من ميوعة التلفظ ما يوازي ميوعة الموقف ونذالته:
"أموري طيبة، (ماشالله). بس بغينا المهاتيف ذيلا يخلّصون الربشة حقهم. صفطوا بقعة علينا".
هو منسجم مع نفسه جداً، لا تستفزه أطقم الأمن المركزي وهي تطلق الرصاص الحي، داخل المدن، على كل ذي موقف رافض لوجودها وسلطاتها الفاسدة. فاللحظة بالنسبة إليه جد مناسبة لاستثماره الطفيلي، مادامت الأبواب مفتوحة لأمثاله بالرشوات والهدايا والشراكة مقابل الحماية.
ولا أستغرب، الآن، الضّعة الواضحة في مواقف البعض، فهؤلاء كانت مرحلة أطقم الأمن المركزي عصرهم الذهبي، وكانوا ينظرون إلى مظاهرات واحتجاجات الحراك السلمي باعتبارها شغباً وغوغائية وعبثاً وتخريباً يعطل عجلة التنمية المستدامة التي هم رموزها، حتى إذا انتكب زعيم الفساد في معقله، انكشفوا، وأضحوا بلا غطاء، فسارعوا إلى استبداله بطربال علي محسن، ولذا فهم يميلون إلى ما يبقيهم تحت الطربال الآن، ليطمئنوا، وإذا انتكب أبو الطربال، وهو منتكب لا محالة، فسيبحثون عن طربال بديل، وهكذا ...
ولتلك الضعة صور شتى، في الخطاب، والفعل، والخذلان، وكراهية المشاركة في التغيير ، فالأمور طيبة، (ماشالله) - كما يرددون عبارة صاحبهم - بس بغينا المهاتيف ذيلا يخلّصون الربشة حقهم. صفطوا بقعة علينا".
* تعظيم سلام للمهاتيف الثابتين على هتفة الحق.