الأمطار والسيول في شبام نعمة وفرحة وفرحة الأهالي تبدأ مع قطرات المطر ومجيء (قويقو) القادم من وادي سر مبشراً بسيل يروي الجروب المحيطة بالمدينة وحتى وصوله إلى (الموزع ) الواقع غرب شبام الأقرب إلى خشامر والذي يصل بواسطة ساقية لري الأرض المحيطة بالمدينة .. فالفرحة بالسيل تنبع من الرزق الذي وهبه الخالق لشبام وأهاليها وكانت الفرحة للجميع حتى لمن لا يمتلكون (جروب ) أو لايزرعون فالخير المنتظر يتشارك فيه الجميع فهنا الفرحة وتكون أكثر عند تدفقه بعد حرمان من الغيث لسنوات .. في زمن مضى ليس ببعيد
يأتي السيل محملاً بكثير من البذور من الوديان القادم منها وبالطمي الذي يتراكم في الأرض المحيطة مما يعطي للتربة خصوبة أكثر للزراعة فضلاً عن إستخدام ( طين جروب شبام ) في البناء الطيني وبامتلأ الجروب وقبل جفافها يبدأ الناس ببذر البذور كالذرة والأصناف الزراعية الأخرى (الدجر) وغيرها فيما تبذر أصناف على جدران الجرب ( الأسوام ) التي هو بمثابة سور طيني لكل جرب تمثل حدود القطعة‚ على الأسوام تبذر أنواع قد تبدو غريبة عند البعض وأقرب إلى الفاكهة منها للخضار سيما القحازيز مفرده (قحزوز ) و (الشرشر) مفرده (شرشرة) وهناك الفقوز والكُبر والاخير أقرب لليقطين - الدباء- ولو أنه صغير وبلون غير اليقطين ومنه يستخرج ( الحنظل الصغير ) وتزرع أيضاً قرون الدجر والريطة وبعض الأحيان الحلبة وتتمدد هذه الأنواع في أشجار (الحسب ) التي نراها على الأسوام .. لايمض شهر أو يزيد قليلاً إلا وتخضر الجروب والأسوام المزروعة وتخضر سعف النخيل المروية بالسيول إيذاناً بالإنتاج من الغاسي والذي ينمو بمراحل إلى أن يصبح تمراً وتتمايل أغصان الذرة وحتى حصادها فأن سيقانها يتم تجفيفها واستخدامها كعلف للحيوانات الأبقار والثيران والجمال والأغنام والحمير ويقدم للمساجد من هذه الثروة لإطعام الحيوانات المستخدمة في رفع المياه من آبار المساجد كما تقدم عند إقامة صلاة الاستسقاء في شبام أكان حينذاك في ( الفرش ) التابع لآل باشن جنوب مقبرة شبام أو بالبطحاء مسيال شبام أما أصحاب الجروب التي يزرعوها أو الشرحان - المخابرين- فهم ينتقلون من داخل المدينة إلى سقايفهم لمناظرة الزراعة طيلة الموسم وأول سبولة للطير مثل مطبق على الواقع حيث يفرح أولئك المزارعين الموسميين بإعطائك من مزروعهم ( اليهوش ) إن كان براً ويقدمون لجيرانهم وأقاربهم من إنتاج الأرض المروية بالسيول ،، ولأن اخضرار محيط مدينة شبام يسر الناظر فأنه بيئة للترويح عن النفس ونزهة الأهالي بين السواقي التي تمتد أكثر من ٧ كيلو كأفعى هادئة فعصريات الأيام الكل يخرج للترويح كرياضة للمشي بين هذه الأراضي والبساتين الربانية وتظل الحال هكذا حتى يتم الجني لكل المزروعات وتعود الكره مره أخرى والفرحة بسيل جديد وخير وفير .
ونعود للقحازيز التي هي أكثر مذاق عجيب إذ كثيراً ونحن صغار مانحاول إقتناص قحزوز من حسبه فتسمع صوت يزجرك ( لاتدحق الحسب ) إنتظر سنعطيك واحداً أو أكثر لك ولأهلك ولعل القحزوز أحلى من البطيخ والشرشر وتذوق طعم ماء السيل أثناء قضمه للأكل وسألت خبير زراعي من أبناء شبام وهو المهندس الزراعي فؤاد عبدالله عباد فيما إذا كان ( القحزوز ) له أسم علمي أم أنه فاكهة تنفرد به شبام وكل مناطق السيول ولمعرفة سر تلك الفاكهة قال مشكوراً :- ( القحزوز والبطيخ المعروف عندنا المروي بالسيول ليس له أسم علمي ، لأنه ليس نوعاً أو صنفاً وإنما هجين ناتج عن خلط وراثي بين الشمام والقاوون وهما نبتتان منفصلان يتبعان العائلة القرعية)
شكراً للمهندس وبالفعل فأنه إبتكار عبقري من أهل المدينة ،، أما الفقوز فهو يعتبر إدام ووجبة تستخدم مع الخبز أو خبز وقرص الذرة ويستخدم كذلك الدجر مع الكرعان كوجبة شعبية وكل ماهو من محاصيل أو منتج من السيول فمذاقه غير ..
وهنا تتضح فرحة السيول وقدومها إلى شبام إذ يتهيأ أصحاب الجروب بتهذيب المساقي والسواقي مع نزول ورحمة السماء ثم الخطوات الأخرى بقلوب مؤمنة تعتمر النفوس بحب الخير وإطعام الجميع مما جاء به السيل وهذه فرحة السيول في شبام التي أضحت اليوم وكأنه ( ترف ) وفرجة فيما نأكل منه وشتان مابين الأمس واليوم .. يهناكم الشرب دائماً .
#علوي بن سميط