كنت أنوي تناول الجزء الثاني من هذه الرسالة بتوسع من خلال تناول مجموعة من المؤشرات التي ينبغي أن يفهمها الزملاء في التجمع بأسباب عدم قبول الناس لهم لا في الجنوب ولا حتى في الشمال لكن تداعيات الأوضاع في اليومين الماضيين في محافظة أبين وحملات التجييش التي تتبناه القوات الشمالية المؤتمرة بتوجيهات علي محسن والمقدشي، ونقل آلاف المقاتلين الشماليين من صحراء حضرموت ومأرب باتجاه جبهة صغيرة في مساحة لا تتجاوز مائة كيلو متراً مربعا بين شقرة وقرن الكلاسي وقرية الشيخ سالم ، كل هذا دفعني إلى الاستعجال إلى تسجيل الحقائق التالية التي أتمنى من عقلاء ووطنيي حزب الإصلاح أن يستوعبوها جيداً وهي:
- إن المواطن الشمالي قبل الجنوبي لا يبدو مقتنعاً بما تسوقونه من مبررات عن أهمية غزو أبين وعدن وإخضاعهما ل"الشرعية"، لأن "الشرعية" لو كانت تهمكم كنتم حافظتم على الانتصارات التي حققها أبناء الجوف ومأرب ودافعتكم عن مقاومة ابناء حجور وعتمة، ولم تسلموا هذه المناطق للحوثيين نكاية بالتحالف العربي الذي دعاكم إلى الحوار وتوقيع اتفاق مع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تمقتون حتى ذكر اسمه ولا ينطقه إعلامكم إلا متبوعاً بصفة (المدعوم إماراتياً) وتنسون أنكم مدعومون سعودياً وإماراتياً وقطرياً وتركياً ومصرياً، لكنكم تتنكرون لداعميكم وتكلفون إعلامكم بلعنهم وشيطنتهم كلهم آناء الليل وأطراف النهار.
- لقد غزوتم الجنوب في العام 1994م أنتم وحلفاؤكم حينما كنتم في عز قوتكم ومجدكم، وصبر عليكم الجنوب والجنوبيون حتى انتصروا لقضيتهم في 17 يوليو 2015م بدعم وإسناد التحالف العربي الذي تأخذون دعمه وصدقاته باليسرى وتكتبون بيانات شيطنته ولعنه والتشهير به باليمنى، فلا تتوقعوا أن هذا الشعب الذي قاومكم وشركاءكم في ذروة قوتكم وذروة ضعفه سيقبل بعودتكم للتحكم فيه وحكمه تحت ذريعة "المفسدة الصغرى والمفسدة الكبرى"، فقد شبع هذا الشعب من مفاسدكم حتى التخمة.
- لقد تفرجتم على تحالف الانقلاب الحوثي وهو يقتل النساء والأطفال في عدن وبقية مدن الجنوب ولم تصدروا حتى بيان إدانة ضد هذه الممارسات الإجرامية، وعندما انتصر الجنوب لقضيته وأعاد الشرعية إلى عدن وسلمها زمام الأمور سطوتم على الشرعية وخطفتم الانتصار ويا ليتكم استخدمتم نتائجه ضد الانقلاب والانقلابيين، بل ركبتم موجة الانتصار لمحاربة من صنع الانتصار.
- ما لم تعلموه وأتمنى أن تعلموه هو أن الشعب الجنوبي قد غادر زمن الضعف والانكسار والهزيمة، وانتقل إلى الإمساك بزمام المبادرة وهو لا يرغب أن يسطو على شيء مما تمتلكون أو حتى مما اغتصبتموه، وطبعا لا يفكر في غزو دياركم واحتلال أرضكم التي سلمتموها طوعاً لمن َتدَّعون أنكم تحاربونه، بل إن ما يسعى إليه الشعب الجنوبي هو البقاء في أرضه وإدارتها لنفسه وبنفسه وباختياراته الحرة، فلا تتوهموا أنه وبعد كل هذه المراحل والتضحيات والانتصارات سيسلم لكم الأرض التي رواها أبناؤه بدمائهم وأرواحهم حينما كنتم تتسابقون على المناصب والألقاب التي لا تقدمون من خلالها شيئا لا للجنوب ولا حتى للشمال.
- وأكرر لست سعيدا بأنباء ومشاهد القتل والأسر التي جرت لقوات (شرعيتكم) من قبل رجال المقاومة الجنوبية وهي كثيرة، لكنني أتعجب من الإصرار الذي تتمتعون به على السير في طريق الدماء والقتل والدمار والتفخيخ والتدمير بدعوى أنكم تقاتلون "الاحتلال الإماراتي وعملاءه" وتنسون الاحتلال الحقيقي الإيراني وتسلمونه أهم مواقعكم ومعسكراتكم ومواقع الاستراتيجية التي يعرفها كلمن يفهم أو لا يفهم (أ) (ب) العمل العسكري.
- أتوجه إلى إخوتي أبناء الشمال الذين يرسلون أبناءهم وشبابهم للقتال في مناطق الجنوب، لأقول لهم: أنكم مخدوعون عندما ترسلون أبناءكم الأبرياء للقتال مع القادة العسكريين والحزبيين الذين تضخمت أرصدتهم المالية البنكية على مدى خمس سنوات بينما تضخمت مقابركم بالقتلى ومستشفياتكم بالجرحى، فلا تصدقوا أن هؤلاء سيصنعون لكم نصراً وهم من هزمهم الحوثيون ست مرات في صعدة عندما كانوا (الحوثيين) مئات وربما عشرات، وما يزالون يلحقون بهم الهزائم تلو الهزائم اليوم، ولا أتباهى بهزائمهم في شقرة وقرن الكلاسي، لكنها حقائق لا يجرؤون على إنكارهم، أقول حافظوا على أرواح أبنائكم فهؤلاء القادة يخططون للهزيمة ولا يخططون للنصر لأن النصر سيؤدي إلى توقف الدعم وهم لا يرغبون في هذا، بل يريدون الاستمرار في الحرب لأنها الحنفية التي تصبُّ لهم ذهبا وسيكون من نصيب أبنائكم بيان نعي ومهرجان تأبين كبير وقبور متسعة لضحايا هوسهم ودمويتهم.
- وأخيرا وعلى هامش هذه الرسالة أتوجه للأشقاء في التحالف العربي لأقول لهم: حتى متى ستظلون تصدقون من تعتقدون أن سينتصر بدعمكم وهو لا يتمنى إلا أن ينتصر عليكم.
أفيقوا أيها الأشقاء فهولاء لن يعودوا إلى صنعاء إلا بعد ابتزازكم وإجباركم على توقيع الاتفاق مع الحوثي، ليتقاسموا معه السلطة وسيتخلون عنكم عند العثور على أول داعم ضدكم وأظنكم قد لمستم النتيجة القادمة من إسطنبول خلال الأيام القليلة الماضية.
والله على ما أقول شهيدْ.
.