لم تمر أيام على النكبة التي مرت بها عدن نتيجة المنخفظ الجوي الذي تسبب في سيول جارفة ألحقت أضرارا بالغة بعدد من مديريات عدن حتى حلت النكبة الثانية التي تسببت في سقوط وفيات بلغت حتى اللحظة ٨ ومنهم ٤ من عائلة واحدة وعدد من المصابين، وتهدم العديد من المنازل وجرف عدد من المركبات وإغراق عدد من المساكن الأرضية والمحلات التجارية في كارثةٍ مناخية تضاف إلى ما تعانيه عدن من كوارث متعددة المظاهر والأسباب والخلفيات.
الفيضانات والزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية هي حوادث خارجة عن إرادة البشر، لكن في البلدان التي تحكمها أنظمة تتمتع بقدر ولو ضئيل من الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والأنسانية والقانونية تسرع الحكومات إلى اتخاذ التدابير الوقائية قبل حصول الحادثة وفي ضوء المعلومات التنبؤية التي تقدمها مراكز الإرصاد الجوي.
في كل بلدان العالم التي استحدثت مدنها منذ عقود قليلة (أو حتى سحيقة) يتم تصميم الشوارع والمباني َالطرق بوضع قنوات لتصريف مياه الأمطار والتخلص منها أولاً باول وخلال ساعات قليلة، وهكذا كانت عدن حتى العام ١٩٩٤م.
وقت تصاعد الفيضان ظهر هذا اليوم كنت اتحدث مع صديق لي في مدينة الشيخ عثمان، قال لي أنا الآن في الشارع الأحدث في المدينة والذي جرت سفلتته منذ سنوات قريبة،
قلت له : الحمد لله أنت في مأمن، فأجابني صارخا: لااااااا، واردف:هذا الشارع هو الأكثر انخفاضا في كل المدينة وبلا خطوط تصريف المياه، والآن السيارات تغرق فيه لأن كل مياه المدينة تتجمع أليه.
هذا في مدينة الشيخ عثمان التي لا تحيطها الجبال ولا تتدفق إليها سيول من أعلى فما بالنا بمدن مثل كريتر والمعلا والتواهي الواقعة تحت سفوح جبل شمسان الذي منه تدفقت السيول الجارفة بالأمس واليوم وتسببت في ما تسببت به من تداعيات وكوارث ؟
لا يطلب أحد من الحكومة أن تمنع الفيضانات، لكنها يمكن أن تعمل إجراءات وقائية تقلل الخسائر وتحمي أرواح البشر وأملاكهم وتؤمن لهم الخدمات الإسعافية، لكن ماذا نتوقع من حكومة وزراؤها ضيوف دائمين لدى الدول الشقيقة ولا يزورون عاصمتهم إلا كزياراتهم لعواصم لدول الصديقة وربما أقل.
رحم الله ضحايا الفيضان في عدن وكل ضحايا السياسات الفاشلة الفاسدة في بلد يدعي حكامه الإيمان وهم لا إيمان لهم ويدعون الحكمة وهم يقتقرون إلى ابسط بديهياتها
ولا حول ولا قوة إلا بالله.