دأبت بعض الصحف خلال الأسابيع الماضية على توجيه سهامها باتجاه حضرموت وتصويرها وأبنائها وكأنهم وراء الأزمة بل ودعاة إنفصال وسيطرة ويأتي هذا الغمز واللمز البعيد كل البعد عن قواعد العمل الإعلامي والذي يظهر في زوايا ضيقة وضائعة بين صفحات تلك الصحف إلا أنه يهدف إلى تعبئة خاطئة المراد منها إثارة الكراهية وإشاعة الشكوك بين أبناء الوطن ولم يكن ذلك بجديد ففي أثناء إنعقاذ اللقاء الوطني العام لأبناء حضرموت طالعتنا صحف بالخارج تقول إن حضرموت تطالب بالحكم الذاتي !
بالمقابل ظهر أمام هذا القذف الإعلامي من أبناء حضرموت الكتابة عن دور حضرموت وإضعافه وخلصوا إلى إستقلاليتها كالزميل علي الكثيري ولطفي بن سعدون بصحيفة "حضرموت" كحل لمعاناة حضرموت وهذه وجهة نظرهم وحق لهم في إبداء الرأي ولم أرغب في الكتابة عن هم حضرموت ليس خوفا من الحكم الذي سوف يصدر بحقي على أنني مناطقي ولكن خوفا من تمادي ألاعيب شرذمة بحق حضرموت ومكانتها فيكفي إن الأخ هشام باشراحيل في زاوية مع الأيام العدد 176 يحرر في 6/4 رد بكلمات لاتزيد عن سطرين عما يقال أن أبناء حضرموت يرغبون السيطرة فكان رده إن خير الكلام ماقل ودل ولم يكن ذلك أن يواجه الأخ هشام بجديد فلقد كان ل"الأيام" التي يترأس تحريرها الفضل في كشف مخطط تقسيم حضرموت وهو لايزال مشروعا في كواليس مسرح السياسة وتحذير أبناء حضرموت من مغبة الوقوع في هذا الشرك لتفتيت قوتهم ولأن النار وكثرتها من مستصغر الشرر يقع على كل الوطنيين وليس أبناء حضرموت مواجهة الادعاءات الباطلة بحق حضرموت التي ظلت كما كانت "بقرة حلوب " من خيرها كبرت بطون ساسة وأمتلأت جيوب مراكز قوى متنفذة لذا يكفي حضرموت ماعانته ولهذا يتأكد لكل من يوجه اتهاماته لحضرموت أن أبناءها لم يكونوا في يوم من الأيام دعاة سيطرة أو انفصال ولم يشكلوا "لوبي" كغيرهم يضغط باتجاه مصالحهم ويمكن الحاسدين أن يقرأوا تاريخ الحضارم ليتضح لهم أن الحضارم لايحبذون السلطة على أحد لأن السلطة مفسدة ولكنهم يطمحون في ألا يتسلط عليهم أحد ولوكانوا مرضى "بعقدة التسلط والحكم " لحكموا بلدانا فتحوها ونشروا الدين فيها وتقلدوا أعلى المناصب وفي أخرى تبوأوا مراكز اقتصادية وفي أخرى ولو شؤون ذات أهمية لما عرف عنهم من أمانة وأخلاق وليس غدرا أو مرض سلطة لذا يكفيكم ويكفي أن حضرموت "الحالية" بمساحتها التي أقتصت منها أجزاء كبيرة إداريا لتدخل ضمن نطاق إداري آخر إرضاء لمراكز قوى تحسب ألف حساب لحضرموت أثناء الصراعات السياسية مع هذا لم يطالب أبناء حضرموت بما سلختموه من مساحتها إلى مساحات محافظات أخرى في محاولة لمزج سيكلوجية الحضارم وتهميش دورهم كما أنه لم يدع حتى اليوم من الحضارم بأن تكون مخلافا بذاته وهو حق ففي الإسلام ولى الرسول زيادا بن لبيد عاملا له على مخلاف حضرموت وإن نادى أبناء حضرموت فهذا حقهم وحضرموت كما تعرفون هي من أكبر الممالك (حضرموت -سبأ- حمير ) ذلك في السابق واليوم أصبحت وحدة إدارية لاتحصل على نصيبها العادل من توزيع الثروة والمشاريع الإنمائية بل يسعى الكثيرون من المتنفذين في سبيل إضعافها وتهميشها وإزاحتها ومحوها كرقم صعب في المعادلة السياسية الإدارية مع يقينهم بأنها ترفد الدولة المركزية بعائدات ثرواتها الزراعية والسمكية والنفطية وقولنا هذا لاينطلق من أننا نمن بهذا على الغير ولكنه واجب وطني وتذكير بما تقدمه حضرموت مقابل ماتحصل عليه وهذا الحال لاينطبق على حضرموت بل هو حال محافظات أخرى ومنهم عدن المحرومة لذلك فلاعيب في أن يطالب أبناء حضرموت الذين هم في أعلى المراكز السياسية أو الذين يمثلون حضرموت بحق حضرموت في المواطنة المتساوية والمشاريع وتصحيح الإهمال الذي أصاب كل شيء في حضرموت والا يظلوا صامتين ومثاليين أكثر من اللازم وإلا فأن العيب سيكون فينا نحن أبناء حضرموت الذين لم نقدم حتى الآن كشفا بحقوقنا المشروعة في إندثار الطرقات وعدم إصلاحها .. في تهميش ميناء المكلا .. في معاناة الكهرباء وإنعدامها.. في تسلط قيادات غير كفؤه على مرافق خدماتية أصبحت حكرا ووقفا على مسؤوليها. ..
من العيب علينا أن نسمي وحدات صحية مستشفيات ومباني متهالكة مدارس ومع كل هذا التدهور نظل صامتين ولاندافع ونرد من يتهمنا ويصب نار حقده علينا ويؤلب إخواننا ضدنا بدعايات مضللة وبتشويش مدروس..
لأن حضرموت بحاجة أن يقف أبناؤها بمختلف انتماءاتهم أمام هذه الظواهر المبيتة لتفتيتهم ونبذ خلافاتهم السياسية السطحية التي ينفذ منها أولئك الذين يرغبون في تحقيق أملهم بتشويه حضرموت الحضارة وأن يشرع أبناء حضرموت في تنفيذ ماخرج به اللقاء الوطني العام لأبناء حضرموت والعمل وفقا لآلية التنفيذ التي رسمها ويعد ذلك من حقهم استخدام الوسائل التي من ضمنها الدستور لكي يعيشوا ويحصلوا على حقهم ونصيبهم من المشاريع وأن يتنبهوا من الوقوع في مغبة الفتنة التي تصدرها تلك الأقلام إلى حضرموت وإلى أبناء الوطن بتصوير حضرموت وكأنها بعبع يهدد حقوق الآخرين .
أما إذا ظل الإهمال المتعمد لحضرموت بغية تهميشها أو تفكيكها فمن حق أبناء حضرموت أن يكونوا اللاعب الأساسي من اللعبة السياسية وأن يثبتوا بأن حضرموت لن تكون الدجاجة التي تبيض ذهبا للغير وليس هذا إبتزاز كما تتصورون ولكنه حق.. ووجهة نظر.
■المقال نشر قبل 25 عام في صحيفة "الأيام" 4 مايو 1994م العدد 180.
#علوي بن سميط