السلطة اليمنية الموجودة بالخارج، درجتْ على الطلوع إلى أعلى الشجرة عند كل دعوة للحوار, ومن ثم تبحث عن سُــلّــم للنزول حين يحاصرها الفشل من كل الجهات، مثلما فعلت منذ بداية هذه الحرب حين ظلت ترفض مجرد الحديث عن حوار مع الحوثيين وصالح, ولكنها عادت وقبلت بذلك كما شاهدنا وشاهد العالم كله،بل وتحولت - بعد أن أخفقت بكل حساباتها- من رافضا عنودا الى مناديا ودودا، ،متهمِــة الطرف الآخر بأنه من يرفض ويتهرب من المشاورات.
اليوم هذه السلطة المسماة جزافا بـــ الشرعية تفعل الشيء ذاته من التمنُّع، فبعد أن ظلت طيلة الأسابيع الماضية ترى في الدعوات للحوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي رجسا من عمل السياسة وتنازلاً مهينا لها، عادت اليوم لتنزل قليلا من عالي الشجرة الى وسطها، وتعلن أن الحوار مع الانتقالي فعلا يتم بجدة، ولكنها تداركت قائلة أنه حوارا غير مباشرا.
هذه السلطة التي يغلب عليها حزب الإصلاح والتي هي بالأصل امتداداً لسلطة 7يوليو 94م، هي أُسُّ الأزمة اليمنية بسبب غطرستها وفسادها ورعونة سياستها الطائشة منذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة , وهي من كان السبب الرئيس ببروز القضية الجنوبية ، وظلت ترفض كل مسعٍ للإبقاء على وحدة يمنية حقيقية والاتفاق على مشروع سياسي حداثي" كمشروع وثيقة العهد والاتفاق"، ولكن كان لها ما أرادت في حرب 94م بإجهاض ذلك المشروع السياسي الطموح... وحتى إذا ما انتهت تلك الحرب بتلك الصورة ظلت تلك السلطات ترفض كل دعوة للحوار والتصالح ولملمة ما يمكن لملمته, برغم اختلال كفة ميزان القوى وعلو سطوة خطاب المنتصر ومنطق قوته العسكرية. فمن دعوة المصالحة الوطنية غداة تلك الحرب مباشرة التي انطلقت من داخل الحزب الاشتراكي،ومن ثم مشروع إصلاح مسار الوحدة الذي تقدم به المناضلَــين : د.محمد حيدرة ومسدوس وحسن أحمد باعوم، وما تلاها من دعوات ومبادرات ومشاريع حوار وتصالح، كل تلك الدعوات كانت تُجابه بعجرفة سياسية ورفض لا مثيل لها إلا ما نراه اليوم من عجرفة وإعراض، ما يلبث أن يتلاشى -أو يوشك على ذلك - كما هو ماثلا اليوم بحوار جدة.!
*صلاح السقلدي.