منذ العام 2011م وبعد اندلاع ثورات الربيع العربي في معظم الدول العربية، ودخول بعض دول الربيع العربي في أتون الصرعات والحروب، ظهرت تباينات واختلافات في المواقف وفي طريقة التعاطي مع الأحداث وتفسيرها بين الدول، وتسببت ازدواجية المواقف لبعض الدول بأزمة في العلاقات الدولية، وهو ما أدى إلى ظهور مقاطعة الدول لبعضها البعض، وصل الحال إلى تشكيل تحالفات جديدة لمواجهة التحديات والمتغيرات التي ظهرت على ساحة الوطن العربي التي تهدد بقاء الأنظمة الحاكمة في الدول العربية.
تأثرت اليمن من هذه العاصفة بشكل كبير، فبعد سقوط نظام المخلوع صالح والتوقيع على المبادرة الخليجية سرعان ما تحولت اليمن إلى ساحة للمواجهات السياسية بين فرقاء العمل السياسي ومن ثم دخول الأعمال العسكرية على الصعيد المحلي بعد احتلال جماعة الحوثي الطائفية صنعاء، ثم تحولت إلى الصعيد الإقليمي بعد تدخل إيران بدعم أذنابها جماعة الحوثي، فتكونت فيما بعد خريطة جديدة من التحالفات السياسية والعسكرية والطائفية التي لم تكن موجودة من قبل بالشكل الواضح والمعلن كما هو عليه الحال اليوم.
وبعد أن وصل التحالف الطائفي لأذناب إيران وصالح إلى العاصمة عدن ومضيق باب المندب محتلين، شكل ذلك تهديدا للأمن القومي العربي، فاندفع الجنوبيون نحو المقاومة الشرسة بالمجهود الفردي ضد تحالف الحوثيين وإيران وصالح، رغبة منهم في الوجود والدفاع عن الأرض الجنوبية العربية ورفض المخططات الفارسية الطائفية، وكان لابد من تحرك العرب للوقوف أمام التجاوزات الطائفية الخطيرة لأذناب إيران، وبالفعل قامت السعودية بقيادة تحالف عربي تشكل بهدف تحرير الجنوب واليمن بشكل عام من المشروع الإيراني الطائفي وإعادة الشرعية والدفاع عن الأمن القومي العربي. حينها تغيرت موازين القوى مع دخول التحالف العربي بقوة في الساحة وأعيد تشكيل نمط التحالفات في الوطن العربي من جديد ومن اليمن، فكان تحالف إيران مع الحوثيين وصالح تحالفا مؤقتا لأغراض ومصالح تقاطعت مع بعضها وتلاقت في مهمات الحرب، ولتهديد أمن دول الجوار لا سيما السعودية والملاحة في باب المندب والبحر الأحمر، وقد انتهى دور صالح في هذا التحالف لأنه مؤقت وهش، بينما تحالف الجنوبيين مع الإمارات والسعودية هو تحالف الضرورة والتحالف الإستراتيجي من أجل أهداف إستراتيجية كبيرة ومن أجل الدفاع عن الأرض وأمن دول الجوار واستقرار المنطقة.
حقيقة كنا في الجنوب حتى العام 2015م نعاني من عدم وجود حليف إستراتيجي صادق، الأمر الذي جعلنا طوال العقود الماضية فريسة سهلة لقوى النهب في صنعاء الطامعة بشراهة بالجنوب، وبالتالي اليوم في مرحلة التحالفات التي يمر بها الشرق الأوسط من المهم أن يكون لنا حليف يدعمنا وقت الأزمات ويحمينا من بلطجة وطمع قوى الشر، وهو أمر هام جدا لبقائنا ودعمنا على الأرض وفي المواقف الخارجية، ولاستقرارنا واستقلالنا..
آن الأوان لإعادة النظر في تحالفاتنا الإستراتيجية كجنوبيين وإدراك أهمية التحالفات الدولية والبحث عمن يحقق مصالحنا ويدعم أمننا واستقرارنا ويقف إلى جانب الشعب في استعادة دولته، وفي مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تهدد السلم الجنوبي. العالم اليوم يعترف فقط بالقوي والمسيطر على أرضه والمدعوم من حلفائه داخلياً وخارجياً، ولا مكان في هذا لعالم للمكونات الهشة والغوغائيين في الساحات.
*- عادل المدوري