يبدو أن الكثير ممن هم في مواقع السلطة لم يفهموا بعد معنا ومفردات الديمقراطية لأنهم مازالوا ضمن دائرة الشمولية وتفكير التسلط وإذا تشدقوا بالديمقراطية وأنهم على طريقها لن يحيدوا كما نسمعهم يقولون، فإنهم يعنون أن الديمقراطية منحة وهبة يقدمونها للآخرين..
يفصلون مقاساتها وفقا ورغباتهم وتكييفها وركوبها مطية لتجاوزاتهم
أما أن الديمقراطية هي فعل وممارسة واقعية فذلك أمر لايفقهونه ولايطيقونه. التجاوزات ازدادت حدتها من رجال في مواقع السلطة بحق المواطن فإذا مارس شكلاً من أشكال الديمقراطية كالتعبير عن رأيه بنقد أو معارضة لسياسات خاطئة أو تجاوز مسئول بحكم سلطاته نهب أو فسد فإن ذلك السلطوي سيسخر كل ماأوتي من قوة تجاه إسكات ذلك المواطن، بل ويصل إلى درجة أن يتفوه أمثال هؤلاء بالقذف والتجريح في كرامة الإنسان مثلما وقع في حق أم الجميع وأرملة العميد الباشراحيل من مسئول ورجل أمن كبير لأنه لم يعجبه مايكتب في صحيفة نجليها هشام وتمام ابني محمد علي باشراحيل.
إن الشموليين يعتبرون حرية الصحافة وكتابة النقد وتعرية الفساد أمورا ليست من حق الصحافة هذه وجهة نظرهم يتشدقون بالديمقراطية ويكيدون لها ويختلقون تعريفات للكتابة فإذا وصل اليهم رذاذ مدادنا قالوا : قالوا يتقفزون على الثوابت الوطنية!.. يحاولون ترسيخ قاعدة خطوط خضراء وخطوط حمراء على طريق الديمقراطية وتقنين حرية الكتابة. وستظل محلك سر مادام هؤلاء هكذا يفكرون فالطبع لايغلبه التطبع.
أما ديمقراطيتنا كصحافة ومواطنين والتي نعرفها هو ألا نسكت عن تجاوزات ممن يعتبرون أنفسهم أفضل من الآخرين.. طاهرون ويعبثون بالمال.. أتقياء غارقون في مستنقع الفساد.. اولياء ويشككون بولاءات أبناء مناطق ومحافظات بعينها.. وطنيون والآخرون في وطنيتهم مسألة فيها نظر.. وحدويون هم والآخرون إذا انتقدوا أو طالبوا وصفوهم بالإنفصاليين!!
ديمقراطيتنا غير ديمقراطيتكم.. هي لامكان فيها لمنتصر أو مهزوم، ديمقراطية المواطنة للكل يستوي فيها الصغير قبل الكبير.. ديمقراطيتنا هي الكلمة التي يعرفها العالم بمختلف اللغات والأجناس مشاركة الكل في السلطة واتخاذ القرار والحق في التعبير بمختلف الوسائل وتعدد الآراء والقبول بالآخر وقبل كل هذا حرية الصحافة.. إنها ديمقراطية للكل وليس للجزء ولانعرف سوى معنى واحد للديمقراطية.. وطريق واحد معروف لاطريقان وأما ( كل على ليلاه يغني) فذلك ليس تعريفاً للديمقراطية أو طريقها.
( المقال نشر في الأيام عدد الأحد ٢/أبريل/ ٢٠٠٠م)
#علوي بن سميط