أخيرا تمكن زعيم جنوبي من نقل قضية الجنوب من الفعل السلمي والعسكري الى أروقة الفعل السياسي الدولي، في تأكيد على تمسك الجنوب بخيار الاستقلال ورفض مشاريع التقسيم التي تنتوي حكومة رئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي فرضها على الجنوبيين بالقوة على غرار ما حاول الحوثيون فعله في مارس 2015م، حين اجتاحوا الجنوب بدعوى الدفاع عن الوحدة اليمنية. وهي المرة الثانية التي يتعرض فيها الجنوب لاجتياح عسكري شمالي، بعد الأول الذي جاء نتيجة انقلاب صنعاء على مشروع اتفاق الوحدة السلمي الذي تم بين عدن وصنعاء.
السياسة الجنوبية هذه المرة تبدو الأذكى منذ الاستقلال الأول الذي حصل في الستينات، قبل ان ينجح قادة الحزب الاشتراكي الجنوبي في الدفع بالجنوب نحو وحدة هشة مع الشمال لم تدم الا لعامين قبل ان تنقلب عليها صنعاء بالحرب المصحوبة بفتوى تكفير شهيرة اجازت قتل الجنوبيين ونهب حقوقهم وثرواتهم بدعوى انهم ماركسيون. وعلى ما يبدو ان هناك توجه إقليمي ودولي لمنح الجنوب استقلاله، لكن الكثير من الأطراف الإقليمية لديها تحفظات من طبيعة نظام الحكم، لكن تلك الأطراف ترى ان الجنوب شريكا فاعلا في الحرب ضد ايران والتنظيمات الإرهابية،.
فقد بعث رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس قاسم الزبيدي برسائل، طمأن فيها الجارة الكبرى العربية السعودية التي تقود تحالفا عربيا لمحاربة حلفاء إيران في اليمن، مؤكدا ان مساعي الجنوب للحصول على الاستقلال فيه مصلحة للرياض التي عجزت القوى الحليفة لها في شمال اليمن أحداث أي احتراق في المناطق التي يحتلها الحوثيون. الزبيدي المحارب العتيد الذي قاد أول عملية انتصار ضد مليشيات الحوثي الموالية لإيران في محافظة الضالع الى الشمال من عدن، العاصمة، تمكن من احداث اختراق سياسي في السياسة الدولية، حيث جدد تمسك بلاده بالاستقلال، من لقاء جمعه بأعضاء الحكومة الروسية، التي يزورها لرح رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي لحل الأزمة اليمنية التي افتعلها الحوثيون الموالون لإيران.
فقد وصف رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ، عيدروس الزبيدي، اللقاء الذي جمعه بنائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، يوم الأربعاء، بالمثمر والممتاز، موضحا أن هدف زيارته إلى موسكو ولقاءاته بالخارجية الروسية، هو شرح موقف المجلس الذي يترأسه، للحلفاء والأصدقاء الروس.
وقال الزبيدي في حديث للصحافة الروسية: " التقينا بأصدقائنا وحلفائنا الروس وبنائب وزير الخارجية وكان اللقاء مثمراً وممتازاً، ونقلنا لهم رؤيتنا السياسية لحل الأزمة اليمنية وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني بشكل عام في الشمال والجنوب". وأضاف الزبيدي، لقد " أتينا للتباحث مع الأصدقاء والحلفاء، لشرح موقف المجلس الانتقالي من هذه الحرب، وشرح وجهة نظرنا ورؤيتنا لحل الأزمة اليمنية بشكل عام، لم نتطرق لتفاصيل كثيرة، وبالنسبة لعلاقتنا بالشرعية فهي علاقةً جيدة وحصلت بعض الاختلافات بوجهات النظر ولكن نحن في جبهة واحدة ضد الحوثي".
وشدد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، على أن " إحلال السلام وإيقاف الحرب أصبحت ضرورة لآن المعاناة الإنسانية وصلت إلى حد لا يطاق".
ويذكر في هذا الصدد أن السفير الروسي لدى اليمن، فلاديمير ديدوشكين، كان قد أعلن للصحفيين في 7 أيلول / سبتمبر الماضي، أن جنوب اليمن جزء مهم من البلاد وأن مصالح هذه المنطقة يجب أن تنعكس في اتفاقية سلام مستقبلية. وقد رحب المجلس الانتقالي الجنوبي ببيان السفير، وهو الذي لم يُدع للمشاركة في مشاورات ستوكهولم تحت رعاية الأمم المتحدة بشأن تسوية النزاع في اليمن. وذكرت وكالة انباء روسية ان " المجلس الانتقالي الجنوبي يعد أعلى هيئة سياسية تكونت في جنوب اليمن وتم الإعلان عن هيئته الرئاسية في أيار / مايو 2017.
تضم الهيئة الرئاسية للمجلس غالبية محافظي المحافظات التي كانت تمثل ما كان يُعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كما يضم المجلس وزراء ووكلاء محافظات سابقين. وعلى ضوء الزيارة الجنوبية إلى روسيا عقد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مؤتمرا صحفيا تحدث فيه عن الزيارة ورؤية المجلس الانتقالي في الحل الشامل للأزمة اليمنية.
و دعا رئيس المجلس الانتقالي في جنوب اليمن اللواء عيدروس عبد العزيز الزبيدي، روسيا للقيام بدور فعال في الملف اليمني، مشيرا إلى أن ذلك سيحقق الاستقرار والأمان في بلاده. وقال الزبيدي في مؤتمر صحفي في العاصمة موسكو نقلته قناة روسيا اليوم التي من المتوقع ان تبث مقابلة خاصة مع الزبيدي الجمعة "نعول على دور فعال لروسيا في الملف اليمني لما لها من علاقات استراتيجية سابقة مع الجنوب أو الشمال". وأضاف، أن "وجود روسيا سيحقق شراكة مستقبلية مع اليمنيين، وهذا بدوره سيقود إلى تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن".
وأكد الزبيدي أن دعم المجلس لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص مارتن غريفيث، في إحلال السلام وإنهاء الأزمة ومعاناة الشعب اليمني، مشددا إلى أن الموقف الرسمي للمجلس مع الشرعية والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ومع طرد الحوثيين من الجنوب. ونفى المسؤول اليمني، "وجود أي اتصالات مع الحوثيين، وإن حدثت فنحن نفضل أن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة.. الحوثيون انقلابيون، ويعملون ضد الجنوب وهم أعداؤنا.. يدعون إلى دولة طائفية لا تنسجم مع الجنوب، بينما ندعو إلى دولة مدنية تستمد سلطتها من الشعب". وأشار الزبيدي ، إلى أن الأزمة مستمرة منذ أربع سنوات وأن نتائجها ستكون كارثية، قائلا، "إن ملف المفاوضات لا يأخذ بعين الاعتبار الأطراف المسيطرة على الأرض وهذا خلل موجود لدى فريق المفاوضات الخاص.. نحن مع إحلال السلام، إلا أن عدم إشراكنا في المفاوضات سيضر بها وسيؤدي إلى استمرار الأزمة". وقدم الزبيدي رسائل طمأن فيها السعودية عن نظام الحكم بعد الاستقلال الثاني، قائلا في رده على سؤال حول سماح السعودية بقيام دولة في الجنوب "نؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها بالنسبة للنظام السياسي الذي تختاره سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا أو ملكيا، والدولة القادمة ستكون مدنية لا علمانية وستشكل جزءا من مجتمع مجلس التعاون الخليجي، وهم أشقاؤنا".
وأضاف، "من حق الشعب أن يكون له نظام ديمقراطي أو ملكي أو ملكي دستوري".
ونوه رئيس المجلس الانتقالي اليمني، بأن "للمجلس رؤيته السياسية الخاصة لإنشاء حكومة وطنية تحفظ حقوق المواطن اليمني"، داعيا إلى عودة "جمهورية الجنوب"، التي كانت قبل تسعينات القرن الماضي.
وعلى ضوء زيارة الزبيدي الى موسكو التقى سفير روسيا الاتحادية لدى اليمن فلاديمير ديوشكين في عدن مساء الخميس، عددا من أعضاء هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الدكتورة منى عوض باشراحيل.
وفي مستهل اللقاء عبر السفير الروسي عن سعادته بلقاء قيادات المجلس الانتقالي في عدن والتي تتزامن مع لقاءات تجريها السلطة الروسية مع رئيس المجلس عيدروس الزبيدي والوفد المرافق له الذي يزور موسكو حالياً .
وأشار ديوشكين إلى ان أجتماع السيد بغدانوف مستشار الرئيس الروسي بوتن ونائب وزير الخارجية مع قيادة المجلس الانتقالي يعد خطوة مهمة جدا بالنسبة لروسيا وخطوة في الطريق الصحيح لاستمرار التواصل مابين المجلس وجمهورية روسيا الاتحادية.
من جانبها قدمت الدكتورة منى باشراحيل للسفير الروسي شرحا مفصلا عن المجلس ورؤيته السياسية لمستقبل الجنوب ، وهي الرؤية التي تجسد إرادة شعب الجنوب في إستعادة دولته المستقلة .
وقالت الدكتورة باشراحيل ان شعب الجنوب يتوق إلى الحرية والسلام والعيش الكريم على أرضه واستعادة سيادته ، مذكرةً بدور روسيا ( الاتحاد السوفيتي سابقا )في عملية استقرار الجنوب بعد الاستقلال وبناء مؤسساته وتأهيل كوادره في مختلف المجالات المدنية والعسكرية .
وأضافت عضو هيئة الرئاسة بأن المجلس الانتقالي سلم رؤيته للحل عبر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الرئيس عيدروس الزُبيدي والوفد المرافق له الى الجهات الروسية المسؤولة .
وأكدت الدكتورة منى باشراحيل ان المجلس الانتقالي يخطو خطوات جادة على الارض مع مختلف القوى السياسية بما يخدم الجنوب وقضيته، وتقريب وجهات النظر، وصولا لتحقيق أهداف وطموحات شعبنا في استعادة دولته.
*- شبوه برس- اليوم الثامن