تكرار التجارب الفاشلة لن يعطي نتائج سحرية بحلول للقضية الوطنية الجنوبية والاصرار على التمسك بخطأ أنتج كل هذه الكوارث قلة عقل وقلة خير ، وعدم مبالاة بشعبي اليمن الشقيق والجنوب العربي .. ومايطرحه البعض اليوم من مشاريع منقوصه ويدحضها الواقع ليست غير التفاف على استحقاق شعب الجنوب العربي، وهذا المشروع قد تم طرحه مباشرة بعد تعثر وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في الاردن في فبراير 1994م وبعد فشل لقاء قمة بين الرئيسين علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح في صلالة بوساطة عمانيه في مارس من نفس العام ..
فقد كانت هناك وساطة مصرية لعقد لقاء اخر في القاهرة في مطلع ابريل 1994 وطرح امين عام رابطة الجنوب العربي ،الراحل الاستاذ شيخان الحبشي رحمه الله رؤية للحل لمناقشتها في لقاء القاهرة المقرر ، وكانت تحظى بدعم الحكومة المصرية ، تتمثل في نزع فتيل الحرب ، بسحب الوحدات العسكرية الجنوبية من الشمال وعودتها الى موقعها عشية 21 مايو1990م، والشمالية من الجنوب وعودتها الى مواقعها عشية 21 مايو1990م ، وتشكيل حكومة محلية في الجنوب ، وحكومة محلية في الشمال ، وحكومة مركزية مناصفة بينهما ، بهدف تجنيب الشعبين ويلات الحروب والدمار، وتصحيح لمشكلة الوحدة ، وبناء مشروع وحدوي نهضوي جذاب ، قابل للحياة الطبيعية ، وقد نشرت هذه الرؤية في مجلة الشروق ، و تطرق اليها في حوار صحفي معه اجرته صحيفتي 14 اكتوبر ويمن تايمز،
لكن الشمال رفض هذا الحل المعقول وقتها ولم يعقد لقاء القاهرة ، وشن الشمال الحرب على الجنوب في 27 ابريل 1994 ..
واعادة طرحه اليوم بعد ربع قرن تخللته حربين شاملتين ودماء غزيرة لايعكس غير الرغبة في ديمومة الازمات والصراعات والحروب ، فتجربة المجرب لن تعطي افضل مما يجري من حرب ودمار وصراع تقوده وتغذية جماعات قليلة باتت مصالحها الكبرى تقتضي بقاء الحال هكذا ، فبعد ربع قرن من الحروب والازمات لم يعد ممكنا غير الجنوح الى السلم ومنح العقل فرصة للحضور والقبول بحل الدولتين بجوار حسن والخروج من دوامة نصف قرن ونيف من الحروب والازمات والصراعات العبثية والتجارب الفاشلة..
الباحث / علي محمد السليماني