دأب السياسيون والمثقفون من إخواننا الشماليين على العناد والمكابرة، والحرص على عدم الإعتراف بحقائق الأمور. وبعد خراب الديار والنفوس يأتي الاعتذار!! فرحبنا بالاعتذار رغم عدم جدواه خاصة عندما يأتي بعد الخراب والدمار، ويكون مجرد نوع من التذاكي المقيت.. وشارك آخر على طريقة:
(إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها ** تذكرت القربى ففاضت دموعها!)
لقد تم الزج بشباب لا ناقة لهم ولا جمل فيما حصل، بل غالبيتهم لم يولدوا بعد (شباب ثورة فبراير) زج بهم، والأستاذ الطيب محمد سالم باسندوة ليقدم اعتذارا لشعب الجنوب عمّا حصل من حرب ونهب وقتل وتشريد نتيجة لحرب 1994م والتي ذبحت فيها الوحدة السلمية والتي تم جعلها فيما بعد كبقرة الهندوس لكن بطريقة خبيثة يمتصون لبنها وخيراتها ويتركوننا نتمرغ في بولها وضفعها.
واليوم وبعد تبخر الاعتذار السابق نيابة عن القوى النافذة يستفيق المثقف مرة أخرى ليقدم الاعتذار الثاني ونيابة عن قوى النفوذ الحقيقية وهي المعنية بتقديم الاعتذار كونها هي المذنب الأول والأخير ومن يدير لعبة الحرب والقتل والنهب والاستحواذ على ثروات الجنوب. ما نريده حقيقة لجلب الخير والمصلحة للجميع هو تصحيح المفاهيم والإقرار بها كما هي وليس كما يريد النافذ والناهب والقاتل. المثقف يعلم علم اليقين مثله مثل السياسي الانتهازي أن مشروع الوحدة هو مشروع سياسي وفعل وإرادة بشرية وقد يكتب لها النجاح وقد تفشل، وأن هذا المشروع ليس إلهاً مقدساًً. هذا هو أول مطلب من مطالبنا من المثقف والسياسي الشمالي.
والمفهوم الآخر هو تصحيح الفكرة الخاطئة عن واحدة الأرض والدولة، فأنتم تعلمون أنها كانت خمس دول قديمة تحكم في هذه المساحة وكل دولة منها لم تحمل اسم اليمن. ومفهوم آخر يجب الإقرار به من قبلكم إنه في عصر الندوة والإسلام، جاءت الوفود فُرادى ولم يأتِ وفد واحدا. ومفهوم آخر يجب استيعابه والإقرار بهِ وهو أن هذه المساحة شهدت دولا كثيرةً ومتداخلة تصل أحياناً إلى خمس أو ست دول مجاورة ومحاربة حيناً آخر. ومنها الدولة الزيادة والزيدية والنجاح والقرمطية والزريعية والصليحية والأيوبية والرسولية والطاهرية... إلخ.
تصحيح هذه المفاهيم لدى السياسي الانتهازي والمثقف المسلوب الإرادة هو الخطوة الأولى التي تمكننا من الوصول إلى حل مستدام وحقيقي.. والاعتذارات بعد كل حرب وعدوان هي لا تعود عن كونها (طبطبة على الكتف لحين تأتي فرصة مناسبة ويتم خلع ذلك الكتف من جذره)، لابأس من قبول الاعتذارات من حيث المبدأ، لكن يجب تصحيح المفاهيم والتي يعلمونها علم اليقين وهي ما تم ذكر بعضها في بداية المقال.. هذه هي الخطوة الصحيحة ولا يجب أن يعتبروا الاعتذارات حلاً للمعضلة.
أعترف بحقيقة المعضلة وأقبل بحقنا في تقرير مستقبلنا، ولنتفق كيف نعيش أخوة متجاورين ومتحابين ومتعاونين. الثروة الحقيقية هي الإنسان المتعلم والطموح وهو من يخترع ويصنع، فحولنا دول سكانها مئات الملايين وليس لديهم موارد وعايشين واكتسحوا العالم بصادراتهم ومنتجاتهم.
الإنسان هو الثروة الحقيقية، وحياته هي الأغلى والحفاظ عليها هو المقدس، والبترول وغيره لا يساوي شيئا أمام حياة الإنسان.. العالم لديه قوانين للحفاظ على حقوق الحيوان، ونحن لم نستوعب بعد!
خاتمة شعرية:
ردّوا مواويل ليلى ** يا أهل العقول السخيفة
لا تحسبوها سبيّة ** حاشا فليلى شريفة
ليلى الهوى والكرامة ** والطاهرة والعفيفة
غابت مواويل ليلى ** لمّا بليت بجيفة
ماحد سوى قيس يهوى ** ليلى ويده نظيفة
وحده يحرك شجنها ** بالأغنيات الطريفة