• في البداية أجدها فرصة لتجديد ثقتي في المجلس الانتقالي، تلك الثقة النابعة من تمسكي بالقضية الجنوبي وحاملها الوطني الوحيد، والقائمة على واحدية المصير والهدف، فالأمر لا يخضع للمساومة، وهي مناسبة للكثير من عتبي وملاحظاتي على أداء المجلس الذي انهمك في العمل السياسي متناسياً الملف الاقتصادي ذاك السلاح الذي استخدمته الشرعية لقتل شعب الجنوب.
• الكل يدرك أن سوء الأحوال ماهو إلا نتيجة لصراع مشروعين (أقاليم / استقلال ) والأمر كان واضحاً بتصريح الدنبوع الشهير الذي قايض الشعب لإنفاذ مشروعه الذي يتمترس خلفه وأن لاسبيل للحصول على الـ ( الماء/الكهرباء/الصحة/ التربية والتعليم/ الطريق) إلا بعد الرضوخ قال مانصه: "أؤكد لكم عند إنشاء الأقاليم في واحد سنة كل إقليم بيوفر هذه الخمس المطالب"
• تصريح هادي كان إعلان حرب على شعب الجنوب تحديداً وهو ما انعكس على حال الجنوبيين بشكل خاص في حرمانهم من كل مظاهر الحياة وتحويل ساحة الجنوب إلى قـبر كبير يُدفن فيه أفراده يوماً بعد آخر.
• لذا فالأمور واضحة لا تحتاج إلى مزيد من اللف أو الدوران وعلى الشعب أن يختار إما أن يتخلى عن قضيته الأساس (الاستقلال) لتمارس عليه صنوف العذاب، وستستمر الحملات الممنهجة للتدمير كلما صمد الشعب أكثر وأكثر، وإما أن يستسلم هذا الشعب ويهرول إلى القبول بمشروعهم وحينها سيكونون فريسة سهلة لمزيد من الابتزاز والعقاب، فالهروب إلى الشرعية لا يعني النجاة وإنما الوقوع في الحفرة ذاتها.
• في الحياة هناك دائماً الشيء ونقيضه هناك (الخير / الشر) و الـ (النور / الظلام) هذه هي الخطوط الواضحة والصريحة في الحياة، أما المتذبذب فهو قد اختار لنفسه أن يكون لقمة سائغة لكل طرف، الكلام هنا يعني تحديد مواقف ليس بالضرورة احتقار كل من يتمسك بمشروعه الخاص، ولا حتى للفئة الصامتة التي نأت بنفسها من الخوض بهذا الأمر، لكنها دعوة صريحة لمراجعة الحسابات وإدراك حقيقة المشكلة وعدم حصرها واختزالها بـ (حرب الخدمات).
• الحمل ثقيل على المجلس الانتقالي والأمر أشبه بالمشي في حقل مليء بالألغام، في ظل تربص قوى خارجية وداخلية لأي سقوط أو زلل، لدفعه لردات فعل غير محسوبة العواقب، ليكون كمن يحفر قبره بنفسه، ليقوموا بتسديد الضربة القاضية لا أقول للقضاء على القضية الجنوبية - فهي محمية بشعب - لكن على الأقل هدم كل ماوصلنا إليه طوال تلك السنين لنبدأ من الصفر مجدداً.
• على أنه للمجلس التزامات تجاه الشعب الذي فوضه، وعليه أن يدرك أن التحرك لابد أن يكون ابتداءاً منه، فالشعب لن يتركه لوحده أبداً، وما عليه إلا الإيمان بقوته وقدرته على تغيير الواقع، فهو الوحيد الذي يمتلك قراراً شعبياً، وهذا كافٍ جداً لمنحه حصانة دولية لفرض إرادة الشعب.
• اللعبة الآن شراء للوقت، هذا ماتقوم به الحكومة لتكريس التركيع، في محاولة يائسة لإماتة الوهج الثوري في قلوب الناس، وللاستمرار في تعبئة أرصدتهم أكثر وأكثر، وكلما طال الوقت انفض الناس من حول المجلس، مما يجعل الساحة بيئة خصبة لعديد تجاذبات لمكونات تمني نفسها استمالة الشارع الجنوبي إليها.
• ويبقى السؤال مامدى قدرة صمود هذا الشعب تجاه عقاب الحكومة؟ وماهي الخطوات التي سيقدم عليها المجلس الانتقالي للخروج من هذا المأزق! والسؤال الأزلي: متى سيستفيق النائم هادي؟!!
#ياسر_علي – شبوه برس -