بلاك هوك

2018-09-29 11:05

 

كلما اتذكر المأساة الصومالية او اللعنة التي حلّت بالصومال عقب سقوط طائرة البلاك هوك النفاثة في احد احياء مقديشو الفقيرة والتنكيل بقائدها وسحله في الشوارع وهو الحدث الابرز الذي اجبر القوات الامريكية على الرحيل لكن الافضع من الرحيل الامريكي العسكري هو التخلي الاقليمي والدولي وعلى كل المسارات السياسية والدبلوماسية والاخلاقية والانسانية الا من دعم محدود لجماعات مسلحة من هذا الطرف او ذاك حتى لا تتوقف الحرب وهكذا كان الثأر الامريكي لمقتل الطيار حرب أهلية منسية طاحنة دمرت كل شي واستمرت لاكثر من ربع قرن كانت وبال على الشعب الصومالي وأكثر فتكا وهلاكا من الأوبئة التي اجتاحت افريقيا مجتمعة ..

 

نسمع احيانا دعوات برحيل قوات التحالف العربي من بلادنا وهي دعوات تبررها العاطفة ويعززها الإخفاق المتواصل للشرعية والتحالف في صنع واقع مغاير لهذا الواقع المأساوي الذي يبدو وكأنه عقابا للشعب لا تتويجا للنصر، لكن هذه الدعوات يرفضها العقل وتمنعها السياسة لان الدعوة بمغادرة دول التحالف المشهد اليمني والجنوبي تحديدا دون انجاز نصر عسكري و سياسي مكتمل تشبه الانتحار وذلك بالتفريط بالنصر ما فرطنا في (الأباتشي) أمام عدو مايزال ممسكا بسلاحه ويدفعه الثأر وتمنيه الاطماع السياسية والمذهبية وهذا من ناحية ، واشكال جنوبية مسلحة (قوى سياسية وسلطوية واحزاب راديكالية يسارية ويمينة وزعامات قبلية مناطقية وجماعات إرهابية ومليشيات طارئة) من ناحية اخرى وجميع هؤلاء تتقاذفهم الاهواء وتمنيهم الاحلام وتغريهم الاطماع وتفتنهم صورة البلاك هوك وهي تهوي ويدوي سقوطها والاعجب ان البعض يمنون النفس بسقوط الأباتشي التي مازالت تدافع عنهم وتحمي نصرهم على ذلك النحو لكنهم للاسف لا يتذكرون سقوط الصومال من ذاكرة الزمن وعناوين الأخبار وحتى من سجلات الاغاثة لطابور الفقراء حول العالم !.

 

شهاب الحامد