الحكومة تبحث عن موارد لها وليس للشعب كما قد يتصوره الكثيرون من عامة الشعب من المغرر بهم , نعم هذه هي الحقيقة المرة الغائبة , ودليلي على ذلك هو أين ذهبت وتذهب عائدات بيع النفط الحضرمي ورسوم الجمارك بالموانئ والمنافذ وإيرادات الضرائب والواجبات والاتصالات وغيرها , ولن تكون عائدات عدن نت بأفضل من أخواتها إذا أستمر العمل بنفس الالية السابقة .
إنهم يتشابهون مع المليشيات الحوثية بالمضمون ويختلفون معهم بالشكل فقط , هكذا وبكل وقاحة يجيرون ويجيشون كتاب وإعلاميين وصحفيين من أجل تغيير مزاج الرأي العام المحبط المفلس لخدمتهم وخدمة مشاريعهم ولتمريرها بسلام .
93 مليون دولار أو 100 مليون دولار تكلفة مشروع عدن نت اللاسلكي وأغلب معدات المشروع صينية من شركة هواوي , مبلغ مبالغ به جدآ جدآ , وهناك من حول الحكومة الشرعية بين عشية وضحاها من فاشلة وفاسدة إلى بطلة ونزيهة وشريفة , وعدن نت تجب ما قبلها , قرأت مقال لاحدهم وهو يقول ظلمنا بن دغر والمفلحي طلع كذاب بخصوص ال 5 مليار ريال التي ذهبت لمشروع النت .
المفلحي كان على حق يا هذا , وما ال 5 مليار ريال إلا غيض من فيض والقشة التي قصمت ظهر البعير , فتلك المليارات كانت من حساب عدن المحلي ومن إيراداتها , وليس من حساب الحكومة المركزي , وكان يجب تسخيرها في مشاريع عدن التنموية وإعادة تأهيل البنية التحتية المنهارة المتهالكة , كم ستكون حصة عدن من عائدات مشروع عدن نت يا هذا .
لليوم الخامس وعلى التوالي أربع مديريات في عدن بدون ماء وكأن من يسكن تلك المديريات ليسوا بشرا وتقع مسؤولية مدهم بالمياه على السلطة المحلية ومؤسسة مياه عدن والحكومة الشرعية , وكأننا ننتظر موسم الأمطار بإحدى القرى النائية المقفرة , أنابيب عمرها الإفتراضي قد إنتهى قبل ثلاثين عام تقريبا وما زالوا مصرين على بقائها حتى قيام الساعة , هل تعلمون وهل تتألمون أو تشعرون بحجم المعاناة والكارثة بأن تكونوا وأسركم وأطفالكم بدون مياه حتى ليوم واحد فقط , إضافة لمعضلة كهرباء عدن الذي حالها لا يسر عدوا ولا صديق .
تسخير ذلك المبلغ الضخم بهكذا مشروع وبهذه المرحلة الحرجة , كان إهدار للمال العام في وضع يبحث فيه المواطن عن فرصة للحياة المستورة ويناضل من أجل البقاء واقفا على أقدامه لكي لا تنهار أسرته , كنا نضن بأن ال 5 مليار ريال يمني كفيلة بتمويل هذا المشروع وكان مبلغ معقول نوعا ما , يعني 11 مليون دولار تقريبا .
أما كان أولى لو ذهب جزء ضئيل من ذلك المبلغ إلى مشاريع إعادة تأهيل وصيانة خطوط النقل الرئيسية لمياه الشرب وخزانات المياه ومضخاتها , أو مشروع تبديل خطوط النقل الرئيسية لمياه الصرف الصحي التي يتكرر إنفجارها على طول الخط الناقل لمديريات خورمكسر وصيرة والتواهي والمعلا , أما كان أولى لو تم شراء محطة كهرباء مركزية تعمل بالغاز لسد العجز في توليد محطات كهرباء عدن , أي مشروع يخدم الوطن والمواطن لن يستثمروا فيه مطلقا .
أما كان أولى بدعم الطلاب المبتعثين ماليا بعدما تقطعت بهم سبل الحياة هناك وأصبح معظمهم متسولين أو يمتهنون مهن لا تليق بمستواهم العلمي والأكاديمي , أما كان أولى بدعم مستشفى الأمل لمرضى الأورام السرطانية في عدن ليخفف من معاناة المرضى من الفقراء والمحتاجين الذين لا حولة لهم ولا قوة , أما كان أولى بدعم مركز الأطراف الصناعية لجرحى الحرب , أما كان أولى بشراء قطع غيار لجهاز الأشعة المقطعية بمستشفى 22 مايو المتوقف حاليآ والذي يحتاج لمبلغ 100ألف دولار فقط , وسيستفيذ منه المرضى من الفقراء والمحتاجين والموظفين , فرسوم الأشعة المقطعية بالعيادات الخاصة وصلت لمبلغ 32 ألف ريال يمني , يعني راتب متقاعد بالتمام والكمال .
أما كان أولى زيادة مائة دولار أو حتى خمسين دولار شهريا ولو مؤقتا للموظفين والمتقاعدين والعسكريين ليواجهو شظف العيش وقسوة الحياة وظلم ذوي القربى .
كما قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :
كما تكونوا يولى عليكم .
* كاتب ومحلل سياسي