الكل منا بات على قناعة بأن حكومة الشرعية اليمنية فشلت في تحقيق أي عمل إيجابي هنا أو هناك، ولكن هل ذلك الفشل هو ناتج عن سوء تخطيط وسياسة غير مدروسة وعدم الكفاءة مثلا؟ أم أن ما نسميه بالفشل هو عمل ممنهج ومخطط له؟ وهو ما يجب علينا اليوم تشخيص ذلك الفشل ومعرفة أسبابه برؤية واقعية وموضوعية، ولست أنا من يقول، بل الواقع المعاش والحقائق الناصعة التي تقول لو أن تلك الحكومة جاءت من أجل تحقيق النجاحات في مهامها لاختارت في قوامها عناصر ذات كفاءة عالية، ومن ذوي النزاهة والأمانة والإخلاص، إلا أنها لم تأتِ من أجل ذلك أبدا، بل جاءت للعمل على مسارين اثنين هما:
- المسار الأول جنوبا، وهو شن هجومها المعادي غير المعلن في حربها الخدماتية والإعلامية والنفسية غير الأخلاقية على عدن بصورة خاصة، والجنوب بصورة عامة، وبحقد دفين قديم ومتجدد على شعب الجنوب وقضيته العادلة ومقاومته الباسلة ومجلسه الانتقالي، وهو استكمال لحرب عام 1994م على الجنوب من قبل الاحتلال اليمني وتنفيذا لسياسة علي عبدالله صالح نصاً وروحا مع بعض الإضافات الأكثر دناءة من سابقاتها.
- المسار الثاني شمالا، والمتعلق في الحرب اليمنية الدائرة بين تلك الشرعية والانقلابيين الحوثيين التي مرت عليها ثلاثة أعوام بالوفاء والتمام، وبالرغم من الدعم العسكري الهائل لتلك الشرعية من قبل قيادة التحالف العربي إلا أن قوات الشرعية ما زالت في نقطة البداية في جبهتي نهم وصرواح القريبتين من العاصمة صنعاء، وهذا ما يعني بأن تلك الشرعية ليست لديها أي نية لإنهاء تلك الحرب، بل عملت ومازالت تعمل على إطالتها باعتبار تلكم الحرب تدر أموالا طائلة على جميع القيادات المتنفذة في تلك الشرعية، حيث تحولوا في بضع سنين إلى أثرياء، وهي فرصة سانحة لم يعرفوا مثلها في تاريخ حياتهم، ولذلك السبب هم لا يريدون إنهاء تلك الحرب ولا تهمهم الدماء التي تسيل ولا معانات الشعب في الشمال، فهم لم يأتوا من أجل خدمة ذلك الشعب كما يزعمون وإنما جاءوا من أجل مصالحهم الخاصة، فما يكسبونه اليوم من تلك الحرب يفوق بكثير ما سيكسبونه غدا من السلطة، إن وصلوا إليها ولو صاروا جميعهم رؤساء.
هذا هو السر الخفي لحقيقة تلك الشرعية جنوبا وشمالا. وإلى متى يا ترى؟!