في الوقت الذي علينا فيه أن لا نعارض وجود عناصر جنوبية حراكية في صفوف الشرعية، إذ لاشك في أن وجودها أفضل من ترك الشرعية كلها لقوى لاتنظر بعين الاحترام للقضية الجنوبية، علينا فيه أن لا نراهن على الشرعية في حل القضية الجنوبية، الشرعية خاضعة في سياساتها العامة لهيمنة مراكز قوى ونفوذ حزبية وقبلية وعسكرية، ساهمت في الماضي في استباحة الجنوب وتهميش أهله، ومازالت مع الأسف الشديد متمسكة بذلك النهج. وللتذكير والتدليل فالبنود ١٦ الخاصة بالقضية الجنوبية التي قرتها اللجنة الوطنية قبيل مؤتمر الحوار كتهيئة له، لم ينفذ منها إلى اليوم أي بند بسبب معارضة تلك القوى لتلك البنود، كما أن تخلي الرئيس هادي عن اتفاقه مع المناضل محمد علي أحمد بخصوص الفدرالية من أقليمين كان بضغط من تلك القوى التي رفضت ذلك الاتفاق، والتي رأت أن حل قضية الجنوب في تفتيته إلى أكثر من قسم حتى لا تقوم لقضيته قائمة في يوم من الأيام، وتم التخلي بكل بساطة عن أقوى شخصية جنوبية معتدلة قبلت أن تشارك في الحوار الوطني تحت سقف الوحدة، واستبدلت بشخصية جنوبية صورية ليس لها أي وزن حتى لاتمثل القضية الجنوبية بصورتها الحقيقة .
إذا كانت الشرعية لم تنصف القضية الجنوبية وهي في عز قوتها وساوتها مع بقية قضايا مناطق الشمال، فكيف لها اليوم أن تنصفها وهي في أرذل مراحلها.
مشكلة الجنوبيين في الشرعية ليس في عدم إنتمائهم لمركز نفوذ قوي ومؤثر في قرار الشرعية كما هو حال مراكز نفوذ الشمال فحسب بل وفي عقدتهم وخوفهم من تهمة الانفصال، ولذلك نجدهم يحاولون بكل السبل، أقناع مراكز القوى الشمالية بأنهم أكثر حرصا منها على الوحدة حتى تمنحهم صكوك الغفران، وتسند لهم أدوار مهمة في المستقبل.
وفوق كل ذلك لاتوجد في إذهانهم رؤية ولا مشروع حل سياسي للقضية الجنوبية يعملون على تحقيقه، ويمكن القول دون مواربة بأن أعظم القضايا التي بامكان جنوبيي الشرعية حلها هي قضاياهم الشخصية فقط، وكما أثبتت الأيام الماضية تلك الحقيقة ستثبتها الأيام القادمة، وغدا لناظره قريب.