لم تصل اطراف النزاع اليمنية الى حالة القبول بالحل السياسي مازالت فرصة تحقيق السلام كالسراب، وعلى رغم بعث الاجواء الايجابية مع استلام السيد مارتن غريفيث لمنصب المبعوث الاممي الا ان كل شيء تبدد ليس من وصوله الى صنعاء بل من لحظة لقاءه الرئيس هادي في الرياض، ففي حين كان يجتمع بالحكومة الشرعية التي ابدت (اعلامياً) انفتاحها للحل السياسي كان مندوبها في الامم المتحدة يسلم رسالة الى مجلس الأمن الدولي تضمنت مطالبة الشرعية للتحالف العربي بتسليم ما ادعته الشرعية بالسجون السرية في عدن وحضرموت وتضمنت كذلك اعتبارها قوات النخبة الحضرمية والشبوانية والحزام الامني انها قوات تعمل خارج نطاق القانون برغم صدور قرارات رئاسية بتشكيلها من ابريل ٢٠١٦م وبرغم ان افرادها لديهم ارقام عسكرية معتمدة.
كان هذا (مطب) أول وضعته الشرعية امام مارتن غريفيث ليجد أمامه في صنعاء (مطبات) اكثر وضعها الحوثيين بدأت بوضعهم جدولاً زمنياً للقاءات بكل المكونات السياسية المستنسخة حوثياً الحراك الجنوبي والمؤتمر الشعبي العام مجرد مكونات مستنسخة لا تمتلك تمثيلاً حقيقياً فالمسألة هي خلط اوراق ومنازعة جديدة يخلقها الحوثيين في طريق الحل السياسي المستعصي.
عشية الذكرى الثالثة لعملية عاصفة الحزم وبوجود مارتن غريفيث في صنعاء أطلقت مليشيات الحوثي سبعة صواريخ بالستية تجاه أربع مدن سعودية ، كانت الصواريخ السبعة موجهة ليست تجاه السعودية بل تجاه الحل السياسي الذي تأكد للمجتمع الدولي انه مستحيل مع هذا الدفع تجاه التازيم للفرصة الممكنة لتحقيق السلام في اليمن.
مليشيات الحوثي تلقت الامر باطلاق الصواريخ من ايران التي بدورها وجدت انها لابد ان تضغط على السعودية بعد ان نجح ولي عهدها الامير محمد بن سلمان في زيارته الى بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية من اقناع المجموعة الدولية من مراجعة الاتفاق النووي بل أن الرئيس الامريكي ترامب يقترب أكثر من الانسحاب او التعديل الكامل للاتفاق في الحادي عشر من مايو ، لا تملك ايران خيارات غير التصعيد أو تسوية سياسية (مُذلة) مع السعوديين الذين بدورهم خاضوا ثلاث سنوات من معركة (ترويض الوحش الايراني) وهم على مشارف تحقيق انتصار كاسح.
على المستوى اليمني مازالت القوى المتصارعة لم تصل لحد الانهاك للقبول بالحل السياسي، فتجار الحرب يستفيدون من كل ساعة بل دقيقة من هذه الحرب التي يدفع ثمنها الشعب الذي بدوره أصبح متلذذاً بلعب دور الضحية عبر رضوخه للشعارات البليدة التي ولدت في سبتمبر ١٩٦٢م.
في ظل كل هذا الانعدام لفرصة السلام نتساءل أين هي النخبة السياسية من التكنوقراط التي بدورها تستمرأ التواري عن مشهد يفتقد المبادرات الوطنية؟ ، كل هذه التعقيدات والمتناقضات اليمنية ترسم ملمح مستقبل قاتم ليس لخمسين سنة قادمة بل لألف سنة أخرى انعدمت في سابقها العلوم والمسؤولية الوطنية وستأتي الف سنة أخرى منعدمة فيها القيّم والمبادئ والاخلاق الوطنية ، لا مجال للتفاؤل في مستقبل الا أن يشاء الله رحمة بعباده.