دول كثيرة تجبرها لحظات الضعف والهزيمة على الاذعان للخارج، والمشكلة ليست بالإذعان نفسه وإنما بالقوى أو الدول التي تذعن لها، وطريقة تعاملها مع ذلك الاذعان، فكلما كان الإذعان لدول قوية ومتطورة كلما كان أهون من الإذعان لدول أو قوى متخلفة، وكلما كان التعامل معه بحكمة وبصيرة كلما كان أهون من المواجهة والصدام.
في عام ١٩٤٥ استسلمت الامبراطوية اليابانية لامريكا بعد حادثتي القبلتين النوويتين، واضطرت القبول بقاعدة عسكرية امريكية على اراضيها، كان الشعب الياباني في ذلك الوقت الذي كان يعاني فيه من مرارة الهزيمة أمام خيارين إما توتير العلاقة مع امريكا والعمل على رفض القاعدة، وإما التعايش معها والاستفادة منها، فاختار الخيار الثاني، وركز على التنمية والاقتصاد، وبعد سبع سنين غزت البضائع اليابانية اسواق امريكا، وفي ظرف عدة سنين أخرى اصبحت اليابان ثاني قوة اقصادية في العالم، ومازالت القاعدة العسكرية الامريكية قائمة إلى يومنا هذا ولم تخرج ضدها حتى مسيرة واحدة.