عاش اليمن عبر تاريخه ، عاش الحروب والإحتلالات ، ومن قال ان اليمن - مقبرة الغزاة- فهو في الواقع يقرأ السير التي كتبها المتحيزون لليمن ، ومن يسردون التاريخ وعلى سجاياهم. الحقيقة ان اليمن مقبرة لاهلها! وعبر تاريخها بدء من قوم عاد مرورا بغزوات كثيرة اسالت الحروب والغزوات الدم اليمني أنهارا ، واوسعت مقابره واضرحته .وفي مصر يسمون -الأرافة - وتعني- قوم الأرف - اي ابناء اليمن . وهذه حقيقة ولا سواها . - جاتك الأرف - اي جاتك قبائل اليمن المتوحشة .
حارب اليمن محتلون كثيرون ، منهم الأحباش والفرس والبرتغال وتركيا وبريطانيا . كل تلك الحروب دارت في ارض اليمن واراقت انهارا من الدماء . وعن الحروب الحديثة العربية فقد حاربت فئة من ابناء اليمن ابناء أو جيوش -مصر- الذين هبوا لنجدتهم بعد ثورة سبتمبر 1962م ويا ليت ما هبوا .
حاربوا اليمنيون أيضا المملكة العر بية السعودية،في 1934م ، وانتصرت جيوش المملكة واحتلت - الحديدة - وبعد مفاوضات ووساطات، أنسحبت القوات السعودية بقيادة الامير خالد بن عبد العزيزآل سعود ، واعيدت الحديدة - ومناطق ساحلية الى حاضنة المملكة المتوكلية اليمنية .
ما أنا بصدده اوما كتبته كعنوان لمقالي، ان اليمن يترزق من حروبه، والرزق يأتي قبل الحياة . فهم يقولون- قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق- ! ومن تفسير هذا المثل المخيف ، فان مصدر الرزق في الحرب رغم فواجع الموت والفناء، اخف من الفقر ! مع أنني اشعر ان ذلك إستخفافا بالحياة والأنفس .
كانت -الملكية - في اليمن ومنذ عهود بعيدة، قد فطنت الى حيلة لاخضاع القبائل وشيوخ القبائل اليمنية، عبر ارغامهم على تسليم - رهائن- وكانوا هولاء الرهائن الاطفال ، يعتقلون ويدرسون على حساب الدولة، وحينما تسال الشيخ او القبيلي عن ولده المعتقل منذ سنوات - كرهينة- يكون رده - الحمد لله خلّفت ام العيال، بعده اربعة رجال واحد منه قد هوه متبندق- والشكر لله ومن ثم لموالي الإمام - يعلمه ويصرّف عليه - منين لي حق المصاريف- !!؟هنا القسوة تبرز بشكلها المخيف الصادم .
يقول صديقي مر بمقبرة في - تعز - ورأى رجل يعود من المقبرة ومعه بطانية يعلوها الغبار . يقول سألته ما سبب قدومك الى المقبرة ؟ فكان رده- قبرنا أم العيال وابنها الكبير! جاءت لهم قذيفه - جزعتهم وصل- يقول تعجبت للعبارات القاسية عن أم وابنها قضوا في الحرب وهم في مأمنهم، يقول - وبعد أن قرأت الفاتحة على أرواحهم . قلت ليش رجّعت البطانية - ؟ قال الأحياء أحق بها من الاموات!! .
تنفع لمن با يموت واحد، بكرة نلفه به- !
قرأنا في الصحف ان -انصار الله - قاموا بتصوير مشهد تدشين مقبرة - شهداء - واسعة - وفارهة- في مدينة صعدة ، والحق فان - أنصار الله - يكرمون الضحايا اوالشهداء، فهم يخططون المقبرة ويحددون المسافات ويتركون ممرات بين الاضرحة بل- ويزوقون - القبور بزراعة الزهور والريحان وتعليق الصور . فتبدو مثل حديقة جميلة . مثل هذه المقابر صارت تفتح وتدشن، في كل فترة، ولا يضير الناس تدشين المقابر ولا تصوير الحدث فهم في حالة خدر من فواجع الحروب ومن أهوالها .
الحروب في اليمن مكاسب وانشغال ، وإذا لم ينشغلوا بحروب مع دول الجوار، حاربوا أنفسهم على قطعة أرض أو مسقى أو شجرة - طلح برية - نبتت على طريق مزرعة، كل واحد يقول أن فروعها تميل إلى أرضه، وهو مالكها .
مثل هولاء القوم ليش نحاربهم؟ . قم ناخش لك محرابة !! .
فاروق المفلحي : كندا