عشنا طوال عمرنا نتامل ونحلم بالوطن العربي من المحيط إلى الخليج . أمة عربية ذات رسالة خالدة. فكشفت لنا الايام ما نحن نعيشه من وهم وخيالات وسذاجات . الامة العربية اليوم تمر باحلك تاريخها فهي رقم كبيربمساحته وسكانه وثرواته ولكنه فارغ الوعي والقلب والروح والحياة .
عشنا نحلم بتحرير الانسان من فقره وجهله ومرضه وتخلفه ، فاشتدت علينا الاحزان والأوباء وبُعثت الحروب وتمزقت الوشائج واصبحنا في هذا الكون الفسيح، نعيش ضيقنا وحسراتنا ، تمزقنا الحدود والمذاهب وتثقلنا اوراق الاسفار والمعاملات والاقامات .
كنا نحلم بتحرير فلسطين فضاعت كل فلسطين، وكنا نحلم بالتصنيع، فلم نصنع الا بعض الحراب والسكاكين لنقتتل بها ونفتك ببعضنا البعض . كنا نحلم بان ننهل من العلوم التطبيقية، فصار جل همنا هو ترديد النشيد الوطني والدعاء على الكفار أن يخسف الله الارض ويزلزلها تحت اقدامهم ويجعلهم هم ونسائهم واولادهم غنيمة للمسلمين.
طردنا الاستعمار وبعد ان غادروا من ارضنا اصابنا الحزن عليهم . وخيموا ابناء فلسطين المشردين في مخيماتهم بعد تهجيرهم عن أرضهم. اقمنا لهم المخيمات ولم نمنحهم فرصة الاندماج خشية عليهم وضياع قضيتهم ، في إنتظار تحريرفلسطين ، فاقاموا في مخيماتهم وتوالدوا وحوصروا وقتلوا ، وهم اليوم في مخيماتهم وقد تضاعفوا وضعفوا، يعيشون هواناتهم وهم اليوم اضيع من الايتام على موائد اللئام .
تغير من حولنا العالم ف مصر كانت قبلة السياحة وموطن النماء والعلم والرفاه، فاصبحت اليوم مثقلة بدواعشها و بكل كوارثها وازماتها وجوعها وأختناقها وعداوتها. كانت على قدم المساوة مصر وسوريا ولبنان والجزائر مع كوريا الجنوبية . نهضت الامة الكورية ونافست الدول الصناعية السبع ، بينما عالمنا العربي كل- حيلته - هي في تفصيل العبايات النسائية وصناعة حفاظات الاطفال وشراء أقراص الفياجرا.
تأملوا العالم بل تاملوا - الصين - اين كانت واين هي اليوم؟ وكل هذا وهي بدون ثروات ولا موارد هائلة. تبني محطات الفضاء واعظم حاملات الطائرات والقطارات الطائرة. تاملوا دولة العدو- اسرائيل - تصنع اعقد الصناعات العسكرية والمدنية، وتبني المفاعلات وتزرع الصحراء. ونحن في حالة عجز مع الكهرباء والزراعة ومنذ عرفت نفسي ونحن نتحدث عن انقطاعات الكهرباء والماء وطفح المجاري .
أنقطعت وتقطعت بنا السبل وجربنا الديمقراطية فشوهنا الديمقراطية، واصبحت لعبة مهينة بين الحاكم والمحكوم، يغير فيها الدستور ويعبث بها ويفرخ الاحزاب الهشة القزمية ، فضاعت بوصلة الديمقراطية والحكم الرشيد .
حتى ربيعنا العربي وثوراتنا توجهت الى قلب وعزل الحاكم ، ولم تتنبه الى اهمية الإصلاح والبناء واستنهاض العزائم . حصرنا الدين في التمظهر والبسنا - السدنة - ثوب التقوى، ورددنا جـُمل المحبة وقلوبنا تسكنها الكراهات ضد بعضنا وضد غيرنا وضد المرأة والبيئة والعلم والتطور. اي لعنة حلت بنا واي مصيبة اصابتنا ؟
حينما يتحدث الشخص عن مصيبته في وطنه وامته وحياته- ويجلد ذاته - فهو هنا قد فقد الامل وكرّس الخيبات والحزن على قلبه. نعم نبكي ولا بواكي علينا .