أيام وساعات قليلة وتنقضي مهلة الأسبوع التي حددتها قوات «المقاومة الجنوبية» للرئيس عبدربه منصور هادي، لإقالة حكومة أحمد عبيد بن دغر، وهي المدة التي سيكون ما بعدها مختلفاً عما قبلها مهما كانت النتائج.
أسبوع وسيكون الجنوب ساحة لثورة شعبية ونقابية عارمة تحميها قوات «المقاومة الجنوبية» التي ستسعى دون شك، وهذا حقها، لاستثمار حالة الغضب الشعبي اللامحدود ضد هذه الحكومة التي يعتبرها القطاع الأوسع من الناس، الحكومة الأكثر فشلاً وفساداً بين كل الحكومات المتعاقبة على إدارة اليمن.
لم يكن الجنوبيون في يوم ما ومنذ سنوات عديدة خلت مضطرين للتعبير عن غضبهم عن أداء حكومة تمثل نظاماً هم في الأصل لا يريدون الاعتراف به لكنهم أمام مخاطر بقاء هذه الحكومة على معيشة الناس وأمنهم واستقرارهم، وجدوا أنفسهم في مواجهة مهمة عاجلة هي مطالبة الرئيس هادي باقالتها وإلا فإنهم سيقتلعونها بطريقتهم.
شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، فشلت حكومة بن دغر في معالجة كل الملفات الحساسة التي التي أمامها وأهمها ملف الخدمات، ودفع المعاشات وتطبيع الحياة في المناطق الواقعة افتراضا تحت إدارتها، وليس سيطرتها، وكل ما نجحت وأبدعت فيه هو اقتفاء أثر عفاش في تفريخ جيوش جرارة من الإعلاميين والناشطين الذين تصرف عليهم أموالاً طائلة لتلميعها، وتمجيدها، ومحاولة إقناع الناس بانجازاتها العملاقة التي لا يستطيعون رؤيتها مهما حاولوا.
يستطيع الرئيس هادي أن هو أعمل الحكمة، وغلّب مصلحة الشعب أن يطفئ نار فتنة كبيرة قد يتسبب بها الإصرار على بقاء هذه الحكومة التي يؤمن كُثر وأولهم الرئيس هادي ذاته أنها غير جدير بالمهمة الكبيرة الملقاة على عاتقها وأنها لم تكن أمينة في الحفاظ على مصالح الأمة التي اقسمت عليها اليمين أمام العالم.
ليس من الحكمة مواجهة إرادة شارع غاضب ثائر جائع بالعناد، والمكابرة فطالما قرر الشعب الخروج تدفعه أوجاعه وآلامه وفقره وعوزه، فلن يعود دون تحقيق أحلامه، وسينتزع حقه دون شك، دون أن تستطيع قوة أن تمنعه أو تقمعه لامتلاكه قدرة الدفاع عن نفسه أولاً، واستعداده للتضحية في سبيل انتزاع حقه من أفواه غاصبيه ثانياً.
وتستطيع الحكومة أن تجنب ذاتها والبلد خاتمة السوء بأن تسارع إلى تقديم استقالتها إذ ليس من مصلحتها الإصرار على تحدي طوفان شعب لا قبل لها على مواجهة ثورانه الذي أن انطلق فلن يعود دون تحقيق ما خرج لأجله.
إن لم تتحل حكومة «أبو عبيد» بروح رياضية عالية، وتتقبل الهزيمة، وتعترف بالفشل، وبالتالي الملعب لمن يمكن أن يقبل به الشارع في الجنوب، فإنها ستضطر للانصياع للبطاقة الحمراء التي سترفعها الحشود الضخمة التي ستزحف من عموم المحافظات لغاية واحدة، وهي إجبارها على الرحيل.
لا ينبغي لحكومة «الشرعية» أن تخادع ذاتها بأنه يمكنها تحدي إرادة الناس أو بأن هناك من سيدافع عنها، وسيضحي لأجل بقائها، فالجميع موقن بفشلها وعجزها، وذاتها وأن كانت ظروف السلم قد ساعدتها على البقاء، فإن «الثورة الحمراء» ستعجل برحيلها.