عدن في التاريخ القديم !!!

2018-01-07 04:27

 

علي أن أسجل أن تاريخ العرب الجنوبيين تعرض للتصرف به وتحويره واسقاطه وفق أهواء ورغبات تتنازع مصير هذه الرقعة الجغرافيه من المندب غربا والى المهرة شرقا ومن البحر العربي وجزيرة سقطرة جنوبا الى اليمن والسعودية شمالا منذ انهيار دولة الخلافة العثمانية وظهور دول حديثة النشأة وتسميات جديدة كنتاج للحرب العالمية الاولى 1914/1917م تتملكها نزعة التوسع

لقد تلاعب المؤرخ اليمني وتعامل بلؤم مع تاريخ المنطقة مستفيدا أيما استفادة من النظرية الصهيونية التي ظهرت في القرن السابع عشر في تفسير التاريخ وجواز تحويره لخدمة أهدافها وأطماعها التوسعية لصالح دولتها الحديثة في قلب الوطن العربي اسرائيل وساعده في تحوير التاريخ بعض المستشرقين .. كما ان المؤرخ الحضرمي هو الاخر تعامل مع التاريخ بخوف واضطراب شديدين من مسمى ” اليمن” و بين اللؤم والخوف ضاع تاريخ الجنوب العربي وتم تجاهل تاريخ حضاراته او تحويرها وانتسابها “لليمن” الدولة الحديثة التي جاءات من رحم انقاض الخلافة العثمانية عام 1918م ..

 

لقد كان مركز الحضارات العربية الجنوبية يتواجد في الشرق حيث ثروات اللبان والمر والصمغ وعود الصندل -الايثلان- والصبر والعطور والورس _ وهي منتجات لاتتواجد غير في شرق الجنوب العربي ارض مملكة حضرموت الكبرى وهذه المنتحات تساوي اليوم النفط والغاز .. وبطبيعة الحال كانت الموانئ الهامة لتلك الممالك وهي حميرية جنوبية جميعها – ممالك حمير الاولى في ظفار الشرق عام 3200 ق.م ومملكة حضرموت الكبرى 1300 ق.م ومملكة اوسان 850 ق.م ومملكة قتبان ثم مملكة النبط وماتلاها من ممالك ذوريدان حمير الكبرى 115 ق.م ومملكة ذو يزن حمير الصغرى 518م ويلاحظ ان كل تلك الممالك تسمت باسم الاسر الحاكمة وليس باسم الارض – مثل المملكة العربية السعودية اليوم – وتلك هي ثقافة شعوب المنطقة .. والموانئ الهامة في ذلك الزمن هي موانئ سمهرم وصور وقنا – طبعا صور المقصودة التي تتواجد حاليا في سلطنة عمان الشقيقة وعلى اسمها لاحقا ميناء – صور في لبنان – ولم تكن عدن ذات قيمة اقتصادية في تاريخ الحضارات العربية الجنوبية القديمة حتى بزوغ فجر مملكة اوسان الحميرية والتي تجاوز نفوذها الى الساحل الافريقي واسمي ساحل اوسانيا او ساحل عزانيا نسبة الى موطن الاسرة الحاكمة عزان ميفعة وشيدت مايسمى حاليا بانفاق جبل حديد وصهاريج الطويلة لحجز المياه وهي نفس طريقة حجز مياه الامطار وبناء الانفاق والحواحز في ممالك الجنوب القديمة ..

 

غير ان اسم عدن قديم وذكرته الاساطير القديمة ومنها الجنة التي كان يسكنها ابونا ادم وامنا حواء عليهما السلام وفي روايات لاساطير و منها اسطورة جلجامش عند السومريين انها ارض الخير والجنة للصالحين من البشر.. ويقول الكاتب السياسي والباحث في التاريح الاستاذ صالح أحمد البابكري – توفي عام 2016- اثر اصابته في ساقه في جبهة البساتين ان جنة عدن هي الارض التي هبط فيها ابونا ادم وامنا حواء وهي عدن اليوم ومنها بدأت البشرية رحلتها الاولى .. ويفسر ما ذكرته التوراة حول نهري سيحوت وجيحوت بانهما نهرين كانا يصبان في الخليج العربي والذي يسمى حاليا خليج عدن.. ويؤكد الدكتور جواد علي في كتابة المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام وجود نهري سيحوت وجيحوت ولكن يشتبه عليه اسم الخليج العربي المعروف اليوم ويضع فرضية وجود النهرين في جنوب شرق الجزيرة العربية “دلمون”

 

ويقول بطليموس ان عدن منطقة مملاح يسكنها الصيادين من العربية الجنوبية ويحكمها القمريون -اي مملكة حضرموت الكبرى- التي كانت تسير سفنها التجارية على حركة القمر والنجوم..

وفي عهد الدولة الاسلامية دخل اهل الجنوب وملوك حمير في الاسلام في العام السابع او التاسع من البعثة النبوية وكانت المنطقة قد اخذت اسم حضرموت وعين واليا لها الصحابي سميه المخزومي ومقره في نقب الهجر عاصمة حضرموت ثم انتقل الى مدينة الحوطة ..

 

وبعد الدولة العباسية دخلت المنطقة في عهود الدويلات الاسلاميه كامتداد لدول في مصر او في العراق او تونس .. وظهرت دولة وطنية جنوبية هي دولة عبدالقادر السليماني اليافعي الحميري والذي حكم مايسمى بالاقليم اليافعي من الضالع والى عدن و ابين الدلتا.. حتى آل الحكم إلى ال سلام العبادل من كلد وجاء الغزو الزيدي القاسمي لسلطنات الجنوب في القرن السابع عشر وبعد 25 سنة تم طرده بثورة شعبية تصدرتها قبائل يافع الحميرية ومعها كل قبائل الجنوب ليعود الجنوب محررا تحت سلطناته الجنوبية حتى الاحتلال البريطاني عام 1839 م والذي انتزع عدن من سلطنة لحج العربية الجنوبية العبدلية .. ثم عقد مع السلطنات اتفاقيات الصداقة ثم الحماية ثم الاستشارة وجاء استقلال الجنوب العربي في30 نوفمبر 1967م وتم تغيير الاسم الى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لأول مرة في تاريخ المنطقة .

 

الباحث: علي محمد السليماني..