أتابع بإعجاب تعليقات المحللين السياسيين والمسؤولين العراقيين بشأن الاستفتاء الذي أعلنه اقليم كردستان من طرف واحد، فجل هذه التعليقات عبرت عن الاعتراف بحق الاكراد وعدم رفض فكرة الاستفتاء ، وكلهم قدموا نصائح واجتهدوا في محاولة اقناع الاكراد بالعدول عن هذا القرار لاعتبارات عديدة يعتقدون انها لا تخدم العراق كما لا تخدم الأكراد ومنها ان الحرب مع داعش مازالت مستمرة ومخالفة الاستفتاء للدستور ورفض دول الجوار للاستفتاء.
في كل تعليقات العراقيين لم نسمع كلمة خونة ولا عملاء ولا انفصاليين ولاشرذمة ولا اصحاب مشاريع صغيرة والأهم لم نسمع عبارة الوحدة او الموت رغم ان اقليم كردستان ومنذ مائة عام كان ومازال يمثل جزءا من النسيج العراقي.
تصريحات وتعليقات العراقيين التي هي في العادة تخالف قناعاتي باعتبار العراق خرجت من نظام بعثي عفن الى شيعي طائفي أعفن منه،لكنها تلامس العقل والمنطق وفيها الكثير من الاقناع مهما كان الهدف منها.
في الجنوب التي كانت دولة ذات سيادة دخلت في وحدة طوعية مع الشمال ،وبمجرد ان خرج الجنوبيون في اول مظاهرات رفض التمييز ضدهم بعد عامين من الوحدة ،تنافس المثقفون والسياسيون والمشائخ والاميين والعسكر في الشمال لاتهام الجنوبيين بالشيوعية والالحاد وبانهم انفصاليين وخونة وعملاء ، وذات الالفاظ استمرت وتطورت وتبدلت ومازالت حيث اصبح الجنوبيين شيعة بدلا عن الشوعيين ثم قاعدة وداعش بدلا عن الكفار والملحدين وهم اليوم عملاء الامارات والسعودية ووو.
شخصيا اشعر بالميل كثيرا الى اكراد العراق وهم بالمناسبة جزء من نسيج المجتمع الجنوبي وتسكن اعداد منهم في لحج وابين وهناك تعايش ونسب بين الجنوبيين والأكراد كما ان الكثير من نشطاء حزب العمال الكردستاني عاشوا وتربوا في عدن وهناك نجوم جاءت من كردستان ولمعت في عدن كالفنان جعفر حسن ،لكني مع ذلك اشعر بالقلق على مستقبل هذا الاقليم بعد الاستفتاء من تعرضه لحصار خانق قد يدفع ثمنه الشعب الكردستاني بكل طوائفه.
فكردستان التي لا تملك متفذا بحريا لن يكون لديها مجال جوي اذا حاصرتها العراق ونفط كردستان الذي ينتج يوميا 550 الف برميل يمر عبر تركيا وتستطيع وقفه بسهوله وكذلك الحال بالنسبة لحدود الاقليم مع ايران بمعنى ان كردستان سنكون في وضع هو اسوأ من وضع قطر اليوم بعد المقاطعة لحاجتها لمنافذ برية وجوية وبحرية يتحكم بها خصومها.
الاكراد شعب عظيم ويحترم واقدامهم على الاستفتاء عمل شجاع جدا لكن المضي نحو الاستقلال وفرضه بالقوة ستكون نتائجه سلبية على الاقليم وهذا مايثير قلقي قبل قلق الاكراد انفسهم.