من يتحدث اليوم عن مظلومية أبين، هو نفسه الذي خذل أبين

2017-08-14 15:04

 

من يمتلكُ مشروعاً حقيقياً يتكئُ على إرادة الجماهير وتطلعاتها، ويلامس همومها ومعاناتها ويحترم تضحياتها. لن يكون بحاجة إلى استدعاء النعرات المناطقية والقبلية والجهوية، لكسب التأييد، ومن يلجأ لذلك، فهذا دليل كافٍ على إفلاسه الفكري والسياسي، وعجزه عن مواجهة مشاريع الآخرين.

 

من يتبنى إشاعة الخطاب المناطقي اليوم في الجنوب، ويستخدم مظلومية القرى والمناطق والقبائل، هو نفسه الذي أنتج مظلومية هذه القرى والمناطق، وهو نفسه من جعل هذه القبائل وأبنائها ضحية للثارات والجاهلية والإرهاب.

فكيف به اليوم يأتي ليقنع الناس أنه المنقذ، ويريدهم _ بكل بساطة _ أن يصدِّقوه ؟.

 

من يزايد اليوم بحرصه على الأمن وشركات النفط بشبوة، هو نفسه من دمر منظومة الأمن، وترك الثأر ينخرُ بالمجتمع المحلي هناك، في الوقت الذي انتفخت فيه كروشهم، وتضخمت أرصدتهم من خيرات وموارد المحافظة، بينما ظل البسطاء من أبناء شبوة لا يجدون فرصة منحة دراسية خارج البلاد.

 

من يتحدث اليوم عن مظلومية أبين، هو نفسه الذي خذل أبين، وتركها وأهلها ضحية للإرهاب والفوضى وتردي الخدمات، وجعلها محافظة منكوبة بكل المقاييس.

كذلك، من يتحدث اليوم، عن مظلومية يافع أو ردفان أو الصبيحة، هو نفسه من ظلم لحج بكامل مناطقها على مدى سنوات طوال.

 

من يتحدث عن مظلومية عدن وحضرموت بموانئها وسواحلها، هو نفسه الذي قسّم سواحل هذه المدن إلى مربعات للصيد، وقام بصرفها كأملاك خاصة للمئات من اللصوص والمتنفذين، وهو نفسه الذي دمر مصانعها ومؤسساتها، وسرّح موظفيها، وهو نفسه الذي همَّش مثقفيها ونُخَبها وكوادرها، وتركهم على قارعة الرصيف.

 

من يتحدث اليوم عن مظلومية الاعتقالات، هو نفسه الذي عجز خلال ربع قرن، أن يضبطَ قاتلاً أو يُفعِّل القانون، واكتفى بتقييد كل الجرائم ضد مجهول، ومن يتحدث عن السجون السرّية، هو نفسه من جعله الجنوب سجناً كبيراً بعد حرب صيف العام 1994م. وهو نفسه الذي يرفض اليوم حتى الكشف عن مصير المخفيِّين قسريا منذ حرب اجتياح الجنوب، وهو نفسه الذي يرفض تفعيل النيابات والقضاء، كي لا تسقط من يده ورقة الاعتقالات و السجون.

 

إن الحديث عن المظلومية وتأجيج الخطاب (القروي/ المناطقي) من قبل تلك القوى والأحزاب ومطابخها الإعلامية، يسعى _ بكل بساطة_ إلى إيجاد وسيلة لشقِّ صف الجنوبيين، وإشغالِهم ببعضهم البعض، ليسهل على قوى النفوذ امتطاء صهوة الجنوب مرة أخرى، مستغلين أي انقسام أو تمزق باسم المظلومية. بينما الحقيقة أن مظلومية الجنوب واحدة من أقصاه إلى أقصاه، وقضيتهُ العادلة، واحدة، أيضاً، وصامدة في وجه الطّغاة.

 

عززوا وحصنوا جبهتكم الداخلية يا أبناء الجنوب، واجهوا الخطاب الإعلامي المغرض بالوعي والحكمة، فالصراع هو صراع مشاريع حزبية سياسية تسعى لتركيع الجنوب ليس بالمدفع والدبابة وإنما بتمزيقكم، واضعافكم، واستهداف التفافكم حول قضيتكم.

و إن فشلوا في كل ذلك، تأكدوا بأنهم سيحركون الكتائب والجيوش التي يجهزونها لإسقاط الجنوب، و ليس لدخول صنعاء.