يمضي الجنوبيون في ثورتهم المباركة التي انطلقت منذ أعوام ، ومرت بمراحل عديدة اتسمت بالتفرقة وعدم الانسجام الثوري بين مكونات الحراك الجنوبي وبقاء الفجوات والاختلاف على نقاط فرعية صغيرة بينما توحدوا في هدفهم الرئيسي وهو الاستقلال .
خلال هذه الفترة لعب الاحتلال الشمالي دورا كبيرا لشق الصف الجنوبي ودعم أسباب الاختلاف ليضمن بقاء التخبط الجنوبي في غياب قيادة حقيقية موحدة على الأرض .. وفي دولة الاحتلال (الشمال) أختلف شركاء صيف 94 على القسمة واصطدمت الإمامة ممثله بالحوثيين ، وصالح الذي أتى إلى السلطة في الشمال بطريقة تشبه الحلم بدون ماض ثوري ، ونظام المشائخ القبلي الذي استغل ثوار سبتمبر في الشمال ليجد لنفسه موطئ قدم في رأس هرم السلطة في الشمال قبل الوحدة .
ومع اندلاع ثورة الشباب في عاصمة الاحتلال وتحت رعاية حزب الإصلاح في إطار موجة الربيع العربي التي دمرت البلدان العربية التي انطلقت فيها ، تسلق الإصلاح الثورة ووضع نفسه وقيادته وصيا عليها، وبرغم شدة الاختلاف بين طرفي الاحتلال إلا أنهما كانا يعيان وبدهاء وجود الثورة الجنوبية .. وسعى كل منهما إلى تحويلها من ثورة شعب يطالب بحريته واستقلاله إلى قضية مواطن يطالب ببعض حقوق المواطنة المدنية .
فشل حوارهم .. وهرب قادتهم .. وجرفهم شتاء قارس حول ربيعهم إلى جحيم .. ولكنهم مازالوا مصرين ومتفقين على أن اختلافهم وعداواتهم يوحدها الجنوب الفريسة التي يجب الإبقاء عليها مهما كانت الخلافات والنزاعات بينهم . . فقاموا بتوجيه قوتهم العسكرية ، ومليشياتهم المسترزقة لسحق الثورة الجنوبية وتحت مسمى أنصار الله والمسيرة القرآنية وفتاوى أحفاد الحسين القادمين من عمق دار الإمامة .. وكان الجنوبيون لهم بالمرصاد، فقد ذابت كل المكونات والتيارات الجنوبية في جبهة واحدة وخندق واحد وأصبح التكاتف ضد الاجتياح الجديد، واجب وطني وهو مقياس الوطنية الجنوبية الثورية .
وتم دحر الغازين بصمود الشعب وبسواعد أبنائه ، وخرج الحوثي والمؤتمر والإصلاح ثلاثي الاحتلال الشمالي يجرون أذيال الهزيمة والخيبة .. وتوحد الجنوبيون تحت مسمى المقاومة .. ومع علمهم بضرورة تنسيق عملهم ليتفهم العالم قضيتهم تم إنشاء المجلس الإنتقالي الجنوبي والذي يدل اسمه على أن القضية الجنوبية والممثل لها عازمون على فرض شروطهم وأنفسهم على أرض الواقع وبدعم شعبي جنوبي كامل وحدهم وجمعهم تآمر الاعداء وحساسية الوضع الذي نمر به ، مما جعل الجميع يتنازل عن الكثير ليصل إلى وحدة الصف الجنوبي .
إن الشراكة في المصير والقرار والمساواة هي مبدأ رئيسي وثابت ينطبق على الجميع .. وفي الأيام القادمة ستكون هناك مستجدات على مستوى الجنوب وسيتم تفعيل فروع وقيادات المجلس في المحافظات لإيجاد قيادة قادرة على استلام إدارة البلاد واستتباب الأمن والاستقرار فيها ، وبطريقه مدنية وديمقراطية بكل مؤسساتها الحيوية .
فالحوار والنقاش وقبول الرأي الآخر هو ما أتسمت به قيادة المجلس ، وتم تشكيل لجنة تواصل بهدف ضم الجميع في قارب واحد .. وعدم اقصاء أي عقلية جنوبية قيادية أو فكرية .
أملنا كبير ورهاننا أكبر .. فلنحافظ على نصرنا، ونكمل المشوار في الإتجاه الصحيح .
وعلى قيادة المجلس أن تكون منفتحة على الجميع وأن تكسر حاجز العزلة بينها وبين كل فئات الشعب الجنوبي .
ولاشك أن العدو المحتل سيسعى وبكل طاقته الإعلامية والاستخباراتية لافشال المجلس وإيجاد شقاق في الصف الجنوبي .. فعلينا أن نكون مستعدين ،ولا استبعد خوض حرب جديدة واجتياح همجي جديد ولكن هذه المرة من طرفي النزاع شركاء صيف 94 ضد الجنوب إذا لم يحسم الجنوبيون والتحالف المعارك في الجبهات الحدودية الحساسة مثل بيحان وكرش في محاولة لسحق أحلام الشعب الجنوبي التي أصبحت كابوسا بالنسبة للاحتلال، وأصبح الاستقلال في متناول يد الجنوبيين إن أحسنوا التصرف واتقنوا ممارسة السياسة الدولية الخارجية مع الدول ذات القرار والمصالح في الجنوب .
*- بقلم : د صالح عامر عبدالله صالح