أليست الأمور تُقاس بالنتائج؟ والأحكام تُعرف بالمآلات؟ والأعمال بخواتمها تُقرأ؟ وإن كان ذلك مسلّماً فنحن إذاً جميعنا نقّدم الإسلام مشوّهاً كمنهج ودين.
يا سادة. إذا لم نقدّم الإسلام أخلاقاً وسلوكاً ومعاملة، ونعي الفرق الكبير والبون بين شارون وجيرالد كوفمان، فعلينا إذاً أن نعترف أننا نعيش أزمة صدق مع الله ومع أنفسنا. أزمة خلقتها ربما تراكمات ممارسات بعضهم، بالإضافة إلى عدم التزامنا بمنهجية النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم على الأمور بمنطق الحق والعدل، لا بمنطق الظفر والانتقام وردود الأفعال.
إن السرد التاريخي لديننا بمعزل عن فقه الواقع بات يصنع شرخاً في نفوس أولادنا ويحيلهم إلى أجساد جوفاء، تنتظر أحزمتها الناسفة المؤهلة للجنة دون تصفيات، فقط لأن ذلك التأصيل للسيرة تحديداً يُقدّم يومياً على مدار الساعة مصحوباً بكم هائل من التحريض المدلّل بالصور والقرائن، وما أكثرها في حلب والعراق وقبلهما في أفغانستان والشيشان. هذا التحريض والتشويه للآخر يقدمه للأسف معلمنا وفقيهنا، الذي لا يفرّق بين الشاب البريطاني، تام هورندال (21 عاماً)، الذي قتله الجيش الإسرائيلي رمياً بالرصاص فيما كان يدافع عن غزّة، وبين بوش الإبن. ذلك المربي لا يقول لطلبته إن اليهودية الأمريكية، راشيل كوري، صمدت أمام الجرافة الإسرائيلية حتى الموت دفاعاً عن منزل فلسطيني.
يقول لهم إن طائراتهم تقصف مدننا، نعم. ولا يقول لهم أن مدنهم تستقبل الآلاف من أطفالنا النازحين من جحيم حرب صنعناها نحن بأيدينا.
يشرح لطلبته كيف أن دباباتهم تُهدّم منازلنا، نعم. ولايبين لهم أن منازلهم تُدثّر أجساد المئات من نسائنا التي كشفها البعض من بني جلدتنا نكاية. يصف لطلبته كيف تدك مدافعهم شوارعنا، نعم. ولا يقول لهم كيف أن شوارعهم اصطف على رصيفها المئات منهم دفاعاً عن مساجدنا كي لا يصيبها أذى.
علينا أن نتعلّم فن ضبط النفس في التعاطي مع الخصوم، والترفّع عن الضغائن البشرية عملا بأول قانون للعفو العام أصدره سيد البشرية صلى الله علية وسلم بسطر واحد فقط "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
اذهبوا قالها لِمَن؟ لمشركين بالتأصيل الشرعي.
إذهبوا قالها لِمَن وضع الروث على رأسه الشريف وهو ساجد لربه سخرية وازدراءً واحتقاراً.
اذهبوا قالها لمن أرادوا تصفيته ولاحقوه في الصحاري والكهوف طلباً لرأسه.
اذهبوا قالها لمن سبوه وقاتلوه بالسيف وعذبوا بعض أصحابه حتى الموت.
أيها الناس.
كم نحن بحاجة اليوم إلى تفعيل خدمات العفو والغفران والتسامح والتغافل المحسوب ربع أعشار حسن الخلق.
يا قوم.
ردوا السيوف إلى أغمادها، والرصاص إلى جرابها، فالأرض خلقها الله لتتسع لنا جميعاً، وتكفّل برزقنا جميعاً من خيراتها إلى أن تقوم الساعة