فرق بين الثورة الاولى التي إنطلقت في عام 1963م رغم تحفظي الدائم على تلك الثورة و ما آلت إليها من الاوضاع المأساوية و الصراعات و الاقتتال الداخلي المستمر للاستحواذ على السلطة بسبب تلك الثورة ، أوهموا الشعب أن بريطانيا تسرق ثروات و خيرات عدن و جنوب اليمن ككل و صدق ذلك الشعب تلك التفاهات و الأكاذيب و تناسوا خيرات بريطانيا و أنها كانت تطعمهم من كل مالذا و طاب ، و تناسوا أن تلك المنجزات و الصروح الاقتصادية التي شيدتها بريطانيا كمصفاة عدن و المطار هي من حر المال البريطاني .
أستثمرت بريطانيا موقع ميناء عدن الاستراتيجي العالمي بصورة ممتازة جداً ، و كان سمة الميناء هو النشاط التجاري الحُر و ما كان ذلك لينجح إلا بسبب إدارة بريطانيا الناجحة لتلك المرافق الحيوية ، الإدارة الناجحة هي من تجلب رؤوس الاموال و الاستثمارات حتى و إن كان ذلك الميناء موقعه غير إستراتيجي مطلقاً كميناء جبل علي في إمارة دبي ، ذلك النشاط التجاري الكبير في ميناء جبل علي كان بسبب النجاح الاداري في إدارة الميناء من خلال جذب الشركات الملاحية و التجارية من خلال تلك المزايا و الحوافز الجاذبة للاستثمار التي تقدمها هيئة موانئ دبي العالمية من تخفيض و إعفاءات جمركية و فترات سماح أكبر لرسو البواخر من غير دفع رسوم إضافية و فترات سماح أطول لبقاء حاويات الترانزيت و غيرها ، إنه عصر السرعة و تقديم خدمات أفضل بتكاليف أقل .
الثورة الجنوبية الثانية هي ثورة تحرير عدن و الجنوب من الغزو الحوثي عفاشي الغاشم ، الثورة الثانية كانت أسوء بكثير من الثورة الاولى من حيث الفشل الاداري للمناطق المحررة فقد كانت الاولى أكثر إتزان ووعي بعض الشيء من الثورة الثانية ، الثورة الاولى لم تعبث بالمرافق الحيوية و لم تقوم بتغيير الجهاز الاداري و المالي لتلك المرافق و مثال على ذلك بقي مصفاة عدن يعمل وفق الآلية الادارية و المالية إبان الحكم البريطاني لعدن و كذلك كانت مؤسسات المياه و الكهرباء و غيرها من المرافق الحيوية ، هناك كانت أخطاء كارثية للثورة الاولى من قوانين جائرة كقانون التأميم و غيره و إنتهاج نهج إشتراكي عدواني معادي للدول المجاورة .
الثورة الثانية كانت كارثية مأساوية مدمرة و أخطائها فاقت بكثير أخطاء الثورة الاولى ، فقد تدخلت بشكل سافر في شؤون المؤسسات الحيوية كمصفاة عدن و إدارات الكهرباء و المياه و حتى ميناء عدن وهي تفتقر للخبرة الكافية و الرؤية العلمية و العملية لإنتشال أوضاع تلك المؤسسات وكان الغرض من ذلك ليس الانتشال بل الاستحواذ و السيطرة فقط ، للأسف الشديد لماذا لا يستعان بأهل الخبرة و الكفاءة من مهندسين حاليين و سابقين متخصصين و كذا إستشاريين من دول مجاورة في تحديد مكامن الفشل و تصحيحها بل تم الاستعانة بإشخاص و لجان بعيدة كل البعد إدارياً و فنياً لتقييم مؤسسات حيوية ومهمة و كانت النتائج كارثية على تلك المؤسسات المهمة و أوصلتها إلى الفشل التام .
الثورة الثانية لم تتعلم من أخطاء الثورة الاولى وينم ذلك عن فشل إداري و سياسي و يجب تداركه سريعاً قبل فوات الأوان ، الأحداث متسارعة و الأزمات متلاحقة و إن لم تمتلك أجهزة إنذار مبكر و قرون إستشعار بالغة الحساسية ستقع في عين الإعصار في ثواني معدودات ولا نعلم في أي منطقة أو محيط سيرميك ذلك الإعصار وهل ستبقى على قيد الحياة أم ستكون من