قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) 13- الحجرات
فأوضح الله في هذه الآية الكريمة لعباده، أنه لا ميزة لأحد على أحد ولا فضل لأحد على أحد عند الله سبحانه إلا بالتقوى، فأكرم الناس عند الله أتقاهم، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ فقال: ((أتقاهم.
وخطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع في عرفة ومنى في تلك الجموع التي شرفت بالحج معه صلى الله عليه وآله وسلم، خطب فيهم في أوسط أيام التشريق فكان مما قاله عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، -﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات:13] – أبلغت، قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب»(1).
ورغم أنني لا أحب الخوض في علم الأنساب وإثارة الجدل حول هذا الموضوع تحديدا إلا أنني وجدت نفسي مضطرا لوضع النقاط على الحروف وتوضيح ما خفي على البعض خاصة ونحن معشر أبناء الجنوب نواجه حربا كلامية وأقلاما عنصرية من بعض المتنفذين والمثقفين وبعض العامة من الدهماء الشماليين الذين يرددون في كتاباتهم ومجالسهم التفاخر بالأحساب والأنساب ويرمون أبناء الجنوب بسهام الغيب والإنتقاص من أصولهم دون أدلة تاريخية ويتهكمون عليهم وينعتونهم تارة بأنهم هنود وصومال وتارة أخرى بأنهم خليط من الأجناس ومع احترامي وتقديري للجنسيات الآنفة الذكر فهم مسلمون أولا وأخيرا مثلنا حتى ولو كانوا ليسوا من أعراق عربية فقد عاشوا بيننا في عدن منذ عشرات السنين واكتسبوا الجنسية الجنوبية وهذا لا ينتقص منهم ولا منا شيئا وعاملهم المجتمع الجنوبي بحب وتسامح حتى أصبحوا جزءا لا يتجزأ من نسيجه الاجتماعي ،وطالما أننا قررنا الإبحار في علم الأنساب الذي يشكل فخر العربي بأصله ونسبه فدعوني أوضح الحقائق التالية:
1- أنساب القبائل الشمالية: ترجع إلى همدان وكهلان وهي:
قبائل حاشد - بكيل - أرحب – يام – مذحج – الأزد
2- أنساب القبائل الجنوبية: ترجع إلى حمير وهي:
قبائل الحجرية – تعز – إب – يافع – الضالع – العوالق – الفضلي – لحج.
والصراع التاريخي بين هذه القبائل كلها شمالا وجنوبا ظل ولا زال مستمرا منذ قيام الدولة السبأية وحتى اليوم.
3- تأجج الصراع في اليمن من جديد بعد تأسيس المذهب الزيدي على يد الإمام يحيى بن حسين بن القاسم الرسي الذي ظهر في اليمن ومات عام 298هـ وانتهى بخروج سلالة الأئمة من اليمن في 26 سبتمبر عام 1962م – 1382هـ.
4- سكان اليمن الشمالي اليوم وفق دراسة علمية أجراها الدكتور يسري الجوهري رئيس قسم الجغرافيا أستاذ الجغرافيا البشرية بجامعة بغداد كما يلي:
سكان اليمن الشمالي هم من ضمن السلالة القوقازية من حيث علم الجغرافيا أما من ناحية علم الأنساب البشرية يتكون سكان اليمن الشمالي من خليط ومزيج بشري متنوع حيث ينقسم هذا الخليط إلى ما يلي:
39% من أصول تركية وفارسية
13% من أصول حبشية
6% من أصول الهنود البهرة
2% من أصول أفريقيا
40% من أصول عربية
أما سكان اليمن الجنوبي وهم يعيشون في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية ويتوزع سكانه على طول الساحل وبعض مناطق في الصحراء وهم الأكثر تقدما وعلما من الشماليين ويتوزع تركيبهم في علم الأنساب إلى ما يلي:
3% من أصول هندية
1% من أصول صومالية
96% عرب
(المصدر: كتاب الجغرافيا البشرية للشرق الأوسط – د. يسري الجوهري – طبعة 2006م).
ورغم سقوط حكم الأئمة إلا أن الصراع ظل في اليمن ربما يتجاوز اليوم ألف عام بين أهل اليمن كشعب وحضارة وبين سلالة كهنوتية استبدادية اسمها الزيدية وهي تاريخيا تيار سياسي وليس مذهبا فقهيا ينسب للإمام زيد بن علي بن الحسين المعارض السياسي لحكام بني أمية وقد تحولت الزيدية إلى فكرة سياسية تأسست على أثرها دول سلالية ولم تكن سوى نظرية كهنوتية ثيوقراطية متلبسة برداء المذهب الفقهي الذي حاول الإمام الهادي سترها به ليتسنى له ممارسة السياسة من نافذة الدين والفقه واستمرت الزيدية فترة طويلة في تدمير القيم المدنية لدى الإنسان اليمني وضربت أول فصول هذه الحرب في ضرب فكرة العمل والكسب الحلال وعلت من قيمة الحرب والقتال وتقسيم الناس إلى طبقات حسب المهنة والعمل لتصل بذلك لفكرة التمايز العرقي التي تقوم عليها هذه الفكرة السلالية!!!
والحوثية هي آخر طبعة الزيدية التاريخية التي كفرت المخالفين لها وقسمت المجتمع على أساس فئوي ونشرت الجهل والخرافة بين الناس باعتبار أن سلالة بشرية ما تطلق عليها السادة الهاشميين وحدهم من يمتلكون صكآ إلهيا لحكم البشر.
(وللحديث بقية)