على مر العصور كان لشجاعة وجرأة وبسالة النخب من الرجال أن تظهر حضارات وأمجاد ودول تأمر وتنهي ، تحكم وتتحكم، فقط لأن صناع التاريخ حينها لم يكونوا متفرجون في ساحات المواجهة وميادين العزة والكرامة، فكان لهم ان ينالوا نصيبهم من السيادة والقيادة اللآتي منحتا لدولهم الارادة والريادة ، ولكم ان تقرأوا تاريخ أولئك الأبطال منذو أقدم العصور الى زمننا هذا الذي نفخر ونتفاخر بقادة عظام أمثال الملك فيصل و جمال عبدالناصر والشيخ زايد وياسر عرفات رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته.
إن ماتعانيه الأمة اليوم يتمحور في سببين لاثالث لهما: تجرد الأذكياء من الشجاعة - وافتقار الشجعان للحنكة والدهاء، وعلى الرغم من وجود من يجمع الصفتين أمثال الملك سلمان والشيخ محمد بن زايد، إلا أن حاجة الأمة اليوم تتطلب أن يكون كل عربي صغيرا كان أم كبيرا داخل وطنه أو خارجها وعلى كل المستويات والتخصصات أن يتحلا بالشجاعة والإقدام وأن يكون مدركا لأهمية وقوفه الى جانب أمته وقادتها في مواجهة الأخطار المحدقة بها من كل حد وصوب، وألا يعول على الآخرين في صناعة المجد ، فسقوط صدام جعل من الماجدات راقصات وهلم جرا من انتهاكات طالت ذلك الشعب العظيم الذي أوهم بأنه سينال حريته ويعيش في رخاء وازدهار!! وقد يكون للمتفرجين من اليمنيين تجاه الأحداث الدامية نصيبا من الذل والهوان ، وأي ذل أكبر من أن يقف الرجل صامتا ودولته تسلب وسيادة تنتهك ؟ أي ذل أكبر من أن يرى المواطن وبشكل يومي أولئك الإرهابيون يقتلون ويفجرون ويدمرون ويحرقون النسل والحرث؟ أي ذل أعظم من أن نسمح لثلة من العاجزين أن يتاجرون بديننا ويجعلون منه وسيلة لتحقيق أهدافهم الدنيوية الدنيئة ؟
أعتقد أننا أمام آخر قطرات حبر أقلام التاريخ التي أوشكت على الإنتهاء من كتابة تاريخ اليمن المعاصر، فاما نسجل أسمائنا في قائمة المتفرجون وإما أن نجبر التاريخ وأقلامه التي لاتجامل أحد على أن تسجلنا ممن يصنعون التاريخ لدينهم واوطانهم وشعوبهم، لن نخضع لمخلوق دنس مقدسات الخالق وطغى وتجبر على الخلائق، لن نقف مكتوفي الأيدي أمام ماتفعله داعش والقاعدة في الجنوب، لن نقف متفرجون أمام من يريد أن يعتلي منصة القيادة على حساب المناضلين المقاومين، سنزلزل الأرض تحت أقدام من يسعى أن يجعل من منصبه وسيلة للارتزاق، سنحارب المنافقون (الملكيبن ليلا الجمهوريين نهارا) ، لن نبقى متفرجون على مايفعله تجار الحروب وصناع الموت بالشعب اليمني عامة والجنوبي خاصة، هويتنا شهدائنا جرحانا أسرانا هم عظمة التاريخ وصناع الحضارة فكيف لنا أن نرضى أن يتحدث عنهم من قتلهم أو تسبب بقتلهم أو ساعد على قتلهم؟
بالأمس أحتفل منتسبي الجيش الجنوبي بالذكرى 45 لتأسيسه، أنا شخصيا أعتبرهم أكبر المتفرجين ولا عزاء لهم الا لبعضهم الذين كانوا في مقدمة الصفوف في ميادين الشرف والكرامة والعزة والشموخ، وماكان لحديث بعض القادة لهم بان يشكلوا لجان أهلية لحماية الحواري والحارات إلا ترسيخ للاهانة والإذلال، أقف هنا وكلي حزن على ماآلت إليه الأحداث في الجنوب العربي الشامخ بهويته وتاريخه وعزة وكرامة شعبه، كيف له أن ينخدع للمرة الثالثة في أقل عام ونصف!! كيف لمنتسبي الجيش الجنوبي الذي صالوا وجالوا في الشام والعراق وأفريقيا أن يقفوا متفرجين أمام قصرا خاوي ومعسكر يتهاوي ؟ كيف لشعب الجنوب أن يترك إدارة الوطن لأعداءه ؟ لماذا لايفرض الجنوبيون قرارهم في تولي ادارة البلاد غصبا عن أنف هذا وذاك؟ لماذا تم حصر أنتصارات الجنوب بتمجيد لمجموعة لايتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة وقد يكونوا غير فالحين ان لم يكونوا فاشلين حتى اللحظة؟ كيف يحق لأم وأبن شهيد أن يعيش حرا وهو يرى من قتلهم يتبوأ أعلأ المناصب ويشغل أهم الوظائف؟ كيف للتفرجين أن تشككون بنوايا وأهداف دول التحالف العربي وهي ضحت بدماء خيرة أبنائها وتحملت فواتير البناء والتعمير والعلاج والتعليم؟ كيف تنتقدون حزب الاصلاح في الاستواذ على مواقع القرار وأنتم رفضتم سد الفراغ المؤسسي والحكومي ؟ الى متى ينفر الشجعان من العمل بجانب الشرعية والى متى يبقى المضوين تحت لواء الشرعية كدمئ جنوبية !؟
أيها المتفرجون في الشمال والجنوب...انكم تتنفسون هواء الحرية الذي دفع ثمن فاتورته شهدائنا الأبرار ولازال يدفع ثمنه المرابطين في الجبهات، فهل لي أن أقول لكم اليوم بأن استمرار استنشاق هواء الحرية والكرامة أصبح حراما عليكم... وعارا على كل من يقدمه لكم وهو يدعي بأنه يقدس تراب الوطن ودماء الشهداء.
المستشار/ غسان محسن العمودي