شهيد .. كلمة يسمعها الكثير .. ويتمنى نيلها الكثير .. ويبذل لها الكثير .. وينام ملئ عيونهم الكثير ملتهين عنها .. ويسهر الكثير في انتظارها .. ويشتاق الكثير لأن يكونوا أصحاباً لمحمد صلى الله عليه وسلم في جنات عدن على إثرها ..
لكن لا ينالها إلا الرجال ممن يهبون أنفسهم للذود عن دينهم وأرضهم وهم قليل ..
هي الشهادة فيا فرحة من نالها .. أسمحوا لي أن أكتب عن .. الشهيد طارق شقيقي البار رحمات الله عليه تترى عدد ما اطلق من رصاص على أرض الجنوب الأبية ..
لقد مات طارق وقالوا مات ذوداً عن تراب وطنه !!
هي ليست ذوداً عن تراب فقط .. هي ذود عن دين .. ذوداً عن أمن بيوت .. ذوداً عن دمعات أطفال .. ذوداً عن هلع شيوخ .. ذوداً عن إسلام يأن .. ذوداً عن أعراض .. ذوداً عن أموال .. ذوداً عن كرامة .. ذوداً عن ارض حضرموت الطاهرة ..
آه .. آه .. هنيئاً لك يا أبا محمد !!
والله أنهم قليل الرجال أمثالك يا أبا محمد .. هنيئاً لك أن نلت شرف الدفاع عن أرض حضرموت وكنت شوكة في نحور المحتلين من عفاشيين وحوثيين رافضة معتدين ..
هنيئاً لك أن حملت راية الجهاد ووقفت بصدرك في موقعك مقبلاً غير مدبر تتلقف القذائف بكل صبر بروح صائمة فنلت على إثرها شهادة نحسبك والله حسيبك شهيداً ..
هل أهنئك !! هل تسمع كلماتي .. نعم أنت تسمعها لأنك شهيد بإذن الله وقد نُعت الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم ..
إذا فأسمح لي بأن أبارك لك هذا الشرف .. أبارك لأبنك وبنتك .. أبارك لزوجتك (( أم محمد )) .. أبارك لأمي (( المدرسة التي كان لك شرف التخرج منها )) .. أبارك لأبي الذي نفخر بمسيراتة ذالك الاب المحب لوطنه وترابة الطاهره .. أبارك لكل ابناء قبيلتك .. أبارك لدينك .. أبارك لنفسي بعد هؤلاء كلهم وفي نفس الوقت أعزيها بفقدك أيها الشقيق البطل ..
آه عليك يا أبا محمد
رحل الشهيد .. رحل البطل .. رحل الشقيق .. رحل الكريم .. رحل الأبي .. رحل الخلوق .. رحل البار .. رحل !!
لن أبكيك دموعاً لأن هذا دأب من يموت في غير أرض الجهاد وساحات المعارك .. ولكن أرثيك بما رثى به أبو تمام القائد الشجاع محمد بن حميد الدين الطوسي حين قال ::
كذا فليجلُّ الخطّبُ وليفدح الأمر # # # # فليس لعيـنٍ لـم يفـض ماؤها عذرُ
تـوفـيـت الآمــــال بـعــد مـحـمد # # # # وأصبح في شغل عن السفر السفرُ
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة # # # # غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبرُ
تردى ثياب الموت حمراً فما أتى # # # # لها الليل إلا وهي من سندسٍ خضرُ
فتىً كلما فاضت عيون قبيلة دماً # # # # ضحكت عنه الأحاديث والذكرُ
وما مات حتى مات مضرب سيفه # # # # منالضرب واعتلت عليه القنا السمْرُ
علـيــك ســلام الله وقـفـاً فـإنـنــي# # # # رأيت الكريم الحر ليس له عمْرُ
كثير من الأخوة يعزي فيك يا أبا محمد .. وأنا أقول كيف تعزون في شهيد يا عقلاء .. أنت شهيد بإذن الله .. أنت مفخرة لدينك ووطنك .. أنت مفخرة لطفلك وشبلك محمد .. فخر لأنهم سوف يقولون له حينما يكبر أن أبوك فلان الذي استشهد صائماً في أرض الجهاد دفاعاً عن هذا الدين وهذه البلاد وترابها الطاهرة ..
صحيح أنني خجول في أن أكتب كلماتي بعد رحيلك .. لكنني على ثقة أن أحبتك سوف يقرؤونها ويفخرون بك يا بطل ..
لست أهلاً لكي أكتب في بطل مثلك .. لكنني رغم انني الاكبر منك سناً اعتبر نفسي تلميذ من تلاميذ بطولاتك أحزنه موتك وأفرحه استشهادك بإذن الله فأحب أن يسطر حروفاً في هامتك وموقفك البطل ..
عندما يموت أي شاب فالجميع يسأل كيف مات ومتى وأين وعلى ماذا مات ؟
وضعت كل هذه الأسئلة أمام أسم (( شقيقي الشهيد طارق محمد بامخشب )) فكانت الإجابة !!
الاثنين (( يوم ولادة نبينا محمد ويوم وفاتة (ص) )) الثاني والعشرون من شهر رمضان (( في عشر تعدّ أفضل ألايام وفيهن ليلة خير من الف شهر )) في أرض المعركة مقبلاً غير مدبر دفاعاً عن عقيدة وأرض وكرامة ..
أي إجابة هذه يا أخوة أقسم بالله أنها إجابة يتمنى الكثير أن تكون أمام أسمه عندما يسجى في قبره .. لكن أعذروني هذه لا يفوز بها إلا الرجال أمثال أبا محمد وصحبة رحمهم الله وأسكنهم فردوسه الأعلى ..
السوط وما أدراك ما السوط !! من أين أنت يا أبا محمد !! أنت من سوط بالعبيد !!
السوط بكت قبل غروب يوم 22 رمضان .. سنحور ودعت بطلها ورفاقة وهذا دأبها فهي سوط موطن الشجعان وأرض الأبطال .. ففي تلك الليلة ودعت قبيلتك بالعبيد ثمانية شهدا وانت تاسعهم وينحدر أولائك الابطال لسوطنك فكيف نستغرب أن تنجب السوط أبطالاً واحداً تلوى الأخر ..
كم أنا أغبطك يا منطقتي الفخر على هذا الابن البار ..
وداعاً أبا محمد وموعدنا الجنة بإذن الله .. ولا حُرمت بلاد الحضارات حضرموت الأبطال والشجعان أمثالك فوالله انك من اوائل القافلة ومن خلفك رجال يستعِرون حرقة رغبة في الذود عن هذا الدين وهذه البلاد فلا يحزن كل من أحب أبا محمد وبالاخص ابي وامي واشقائي الثلاثة وليكن خير من يذكروه وخير من يدعو له وخير من يهتموا بأبنائه ..
ختاماً .. هي كلمات أبت أن تبقى في الحناجر كونها أصرت على أن تعانق الشهيد حيث هو قبل أن تنطوي العشر الاواخر من شهر رمضان الفضيل .. ارفقتها على جسدك الزكي فبكت وأرخت دموعاً لم يفهمها إلا من كان شهيداً يتلذذ بهذه المنزلة فلا حرمك الله هذه المنزلة ..