لماذا هذه المكانة لرسول الله ؟ (2)

2016-06-07 11:07

لماذا هذه المكانة لرسول الله ؟ (2)

 

قلنا في الحلقة السابقة، أن بعض المسلمين، وخاصة الشباب، يسأل عن (سر) هذه المكانة العظيمة (لرسول الله) صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله , بل بالغ بعض الناس فأخذوا يرددون عبارات - غافلة عن السر الألهي - قائلين:

كيف ينادى باسمه مع اسم الله في اليوم خمس مرات؟

هل من العدل أن يهدد الله بإحباط الأعمال لكل من رفع صوته فوق صوت النبي؟

كيف يمنع الناس من الزواج بزوجاته من بعده بينما هو يتزوج في العرب؟

لماذا الخمس والفيء والحقوق والامتيازات ..الخ

 

ويواصل بعضهم مستنكراً:

كيف يحصل كل هذا وما ما هو إلا ساعي بريد، يوصل الرسالة ويكفي!

وبعضهم حصر محبته في (طاعته فقط) طاعة جافة بلا محبة ولا وجدان ولا عاطفة، وبعضهم قال بجواز معارضته ومعصيته لأنه فقط مجرد مبلغ، وليس له من ألأمر شيء! وأننا قد نفهم الشرع أكثر منه - وهكذا يخلطون الأمور حقها بباطلها - وبهذا يحرمهم الله العلم بأسرار سنته في خلقه وغاياته من هذه الخصائص التي يعطيها رسوله صلوات الله عليه، يحرمهم الله بسبب واحد وهو (الكبر) المانع من التعلم، الكبر الذي يضاهي به هذا العبد المسكين ربه، ويحاول أن يجعل نفسه مسامية لله في العلم والحكمة والخبرة واللطف ..الخ، وينسى أن الله يمحص عباده بمثل هذه الأمور التي - لو درسها بتواضع لعلم سر تشريع الله لها-..

 

تعالوا نحاول الإجابة، ولابد من العودة للبداية..

فللإجابة على السؤال:

تعالوا نتعرف - بهدوء وتساؤلات متواضعة- على سنة الله وسره وحكمته المتعلقة ببني آدم..

ولنبدأ مع العلاقة الأولى بين الله وبني آدم في ثلاث مراحل قبل هبوطه إلى الأرض، وسنجد ثلاثة أمور في غاية الأهمية

من هذه الأمور الثلاثة قد نتعرف على البدايات والأسرار الأولى، نتعرف على شيء من حكمة الله وأسراره في اختبار وتمحيص هذا المخلوق الجديد مع اختبار وتمحيص اثنين من أرقى المخلوقات قبله ( أعني الملائكة وإبليس) بحكم أنهم أرفع المخلوقات يومئذ - فالنبات والجماد والجان مخلوقات أدنى-:

الأمور الثلاثة التي كان بها اختبار ( الثلاثة) ، الملائكة، إبليس، آدم، هي:

الأول: إختبار الله الملائكة بالخبر باستخلاف آدم في الأرض

الثاني: اختبار الله الملائكة وإبليس بالسجود لآدم

الثالث: اختبار الله آدم بالأمر بتجنب الأكل من الشجرة

 

وما هي نتائج تلك الأختبارات، وما أسرارها، وماذا حصل من المخلوقات الثلاثة ( كتمان، أو كبر، أو معصية) وما الفرق بين ( كتمان الملائكة) و ( كبر إبليس) و ( معصية آدم)؟

وهل يتعارض كتمان الملائكة مع عصمتهم؟

ولماذا غفر الله كتمان الملائكة و معصية آدم ولم يغفر خطيئة إبليس؟

هذه القصص الثلاث فيها سر الله لو أننا نتدبر القرآن بتواضع وهدوء وافتقار إلى الله ليعلمنا ويفتح لنا بهذا العلم ما شاء

فهذا الشعور بالافتقار إلى الله وتمام التسليم له والخضوع له هو سر الأسرار

وهو المحك في الاختبار

وبه فقط يكون رضا الله

وعبره فقط تتفتح العلوم والمعارف والأسرار ويكون صاحبها مؤهلاً لينال بركات الله المعنوية والمادية في السماء والأرض

وبه فقط تكون خلافة الله في الأرض وحسن عمارتها بالعلم والعدل والرحمة والعقل والضمير .

 

ولهذا فالشيطان حريص على منع هذه البركات والفتوحات الإلهية بتعليمه آدم وبنيه ما يمنع هذه البركات والفتوحات ( أي تعليمهم الكبر والطمع والحسد ..الخ) ليحرمهم من فتوحات الله ورحمته ورضوانه واستخلافه الذي يريد ..الخ

 

وسنفصل لاحقاً، ونبين صلة هذه الأبحاث بتلك المزايا والخصائص التي منحها الله لأنبيائه ومنهم نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.

فلا تستعجلوا -

وأنا سأحاول فقط ولا أزعم الإلمام ولكن الخطوط العريضة عندي واضحة-

تعالوا نتعلم القصة بهدوء وتواضع - شيئاً فشيئاً- حتى نعلم سر خلق الله لهذا الإنسان وأسراره فيه وتمحيصه له واختباره له بأوامر قد تصعب على النفس المتكبرة وتسهل على أهل التواضع والتسليم.

 

* يتبع في المقال القادم :

*-للإطلاع على الجزء الأول : اضغــــــط هنــــا