لن أعلق على الموقف السياسي لتحالف صالح الحوثي في الاستيلاء على لواء العمالقة، فهذا يأتي ضمن استراتيجيتهم الأساسية القائمة على المزيد من الاجتياح، والمزيد من النهب والمزيد من الاقتحام والاستلاء وبسط النفوذ في سبيل تعزيز موقعهم التفاوضي يف المشاورات التي يبدو أنها ستطول كثيرا، لكنني أتساءل، كيف لمجموعة من مائتي مقاتل أن تسقط لواء يبلغ تعداد أفراده الآلاف (إن لم يكن عشرات الآلاف)؟
كتب الكثيرون من المحللين والصحافيين والمتابعين للشأن العسكري في اليمن عن لواء العمالقة وتحدثوا عنه بتفاخر وإعجاب لدوره في تثبيت الجمهورية واقتحام الجنوب من خلال اقتحام عدن وما تلا ذلك من مآسي يتعمد الإخوة المعجبين تجنب الحديث عنها، . . .ليس هذا موضوعنا لكن احتلال لواء العمالقة حمل معه مجموعة من المفارقات
* المفارقة الأولى التي تقول أن الحوثيين تسللوا إلى المعسكر مع لجنة صرف المرتبات، وهو ما يعني أن لواء العمالقة مثل كثير من الألوية والمؤسسات الحكومية يتقاضى الماهيات الشهرية عبر سلطة الحوثيين، من صنعاء: ولا أدري هل تحسب هذه النقطة للحوثيين أم عليهم، وهل تحسب للسلطة الشرعية أم عليها؟
* المفارقة الثانية: قال وزير الدولة الدكتور العامري أن مائتي مقاتل من الحوثيين هجمهوا على اللواء واقتحموه واستولوا على منشآته ونهبوا الأسلحة والمتسودعات، وكأن الحديث يدور عن مصنع للأغذية أو مزرعة دواجن وليس لواء عسكري تعداد جنوده وضباطه يبلغ عشرات الآلاف ولديه قيادة خاضت كل الحروب بما في ذلك الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات.
من المؤكد أن اللواء قد تغلغل إليه الفساد مثل كل الألوية التي يسمونها ظلما بالجيش الوطني والتي يبلغ تعداد الأفراد في السجلات عشرات الآلاف لكن الموجود الفعلي لا يتجاوز المئات، وإن تجاوزها فلن يزيد على ما فوق الألف جندي، وبقية عشرات الآلاف هي أسماء وهمية يستولي القادة على مخصصاتها المالية والغذائية واللوجستية والتسليحية، لبيعها في سوق بيع مخصصات الجيش الوطني جدا.
يبدو أن معسكرات الجيش الوطني المؤيد للشرعية بحالجة إلى جيش آخر يحميها من مخاطر التعرض للاجتياح والنهب، فما بعد لواء العمالقة لا ينبغي على السلطة الشرعية الحديث عن جيش وطني يؤيدها عدا رجال المقاومة الحقيقيين الذين لا تخلو صفوفهم من جنود وضباط شرفاء ممن حاربهم النظام السابق بطرفيه الانقلابي والشرعي، لكنهم أثبتوا أنهم ليسوا للبيع ولا للاستئجار.
أختتم هذه الخاطرة بطرفة تذكرتها وأنا أفكر كيف ستحمي الشرعية جيشها الوطني من الاجتياح والنهب، حيث يتداول بعض الطرفاء قصة تقول أن مجموعة من النسوة كن في رحلة البحث عن الحطب وبصحبتهن رجل مدلل ومتغنج، وتفاجأ المجموعة بثعبان هائل مخيف هرب منه الجميع، وما كان من الرجل (المتغنج) إلا إن تنهد قائلا: لو كان معنا رجل كان سيقتل الثعبان.