تحطمت اسطورة الاحتلال وتمزقت صورته القذرة وساقتها رياح العزة والكرامة الجنوبية إرباً متناثرة في أرجاء الوطن الفسيح .. ولم يعد لها من ذكر سوى وهم التخفي الذليل في دهاليز الغدر والخسة المقيت .. هناك في الاقبية والبيوت المهجورة والجحور ، تتفتق قرائح الموت وتنضح بغزير الحقد والدناءة الشيطانية ، لتنفذ من ظلام القلوب العابرة لحدود القيم الدينية والانسانية واخلاقيات التحضر نحو جدار النور والصفاء والحرية فتحدث فيها فضائع التوحش قتلاً ودماراً وعبثية ، فما أن ينتهي البغي ويتلذذ القتلة بدمائنا المسفوكة ينهض الرجال من بين الركام من جديد ليلملموا أشلاء شهدائهم ويوارونها ثرى أرضهم الطاهرة ليعودوا مجدداً الى مواقع الأمن والبناء بعزيمة وبارادة لا تقهر فيتحول الالم الى طاقة للعطاء المتواصل من أجل الحياة ومستقبل الاجيال .
تاريخ يصنعه الجنوبيون كتبت سطوره بعظمة المواقف ونبل التضحيات ، وهم يواجهون منذ زمن ليس بالقصير عدوا يختبئ في تقاطع الطرقات واكياس القمامة ، وفي الجحور المظلمة ، والسيارات الفارهة ، وقناني الماء والببسي والتلفون ، عدو متربص في كل الامكنة المحتملة للبغي والخراب .
عدوا يتحرك في مسار مخالف لمنطق الحرب ، تُرك له المجال ليتسرب إلينا من بوابات تُركت مفتوحة كوضعٍ مقلوبٍ غريبٍ وشاذ لايستوعبه العقل أبداً.
فمن بديهيات الحرب أن تؤمن المناطق المحررة ، وتُغلق حدودها بطوقٍ أمني لا يقبل الاختراق ابداً ، وكل من يقترب من هذا الطوق يصنفُ في خانةِ الأعداء ويتم التعامل معه بكل حزم .
يجب تطبيق مبادئ الحرب لتأمين الجبهة الداخلية من الإختراق والحيلولة دون تدفق الخلاياء العابثة بأمن المناطق المحررة ، وبدون هذه الصرامة سنترك للعدوا الصائل فرصة للعبث بأمننا واقلاق سكينتنا ..
إننا بحاجة لقرارٍ ثوري جريء يقطع دابر التخريب والمخربين ، ويترك المجال مفتوحاً لمطاردةِ من تبقى منهم وعزلهم عن خطوط إمدادهم الخفية ، وجعلهم هدفاً مشروعاً للأمن والجيش الوطني والمقاومة الحقة ، وإننا بدون هذه الخطوة الحاسمة لن نحقق النجاح على الأقل في الوقت القريب .
فهل حان الوقت لاعادة قراءة المشهد الأمني وتحديد مكامن الخلل ونقاط الضعف التي يتسرب منها أعدائنا وإتخاذ قرارات جادة وصارمة يأتي في مقدمتها إغلاق الحدود وتحصين المدن من الاختراق وخاصة العاصمة عدن .
*- د.محمد الزعوري