عدن مدينة السلام و الحب و الوئام, ما أرادوا لها أن تضمد جراحاتها, أو تلملم أحزانها.. لم يمنحوها وقتا كي تلتقط فيه أنفاسها, أو تسترد عافيتها, فتفتح نافذة للنور و تستنشق هواء نقيا لا تخالطه روائح البارود و الحرائق و لا أصوات الانفجارات و القذائف.. فالمستفيدون مما يحدث فيها ما أرادوا لها إلا أن تظل هكذا.. غارقة في القتل و الفوضى و العبوات الناسفة , ومدينة للخوف والأشباح ..
كثر القتل في عدن, أكثر مما كان عليه قبل التحرير.. جرائم شتى من اغتيالات وتفجيرات طالت حتى المشايخ و العلماء و أئمة المساجد.. سؤالان يطرحهما المواطن البسيط حال وقوع كل جريمة.. من المستفيدون؟ ولم حكومة الرياض أو دول التحالف تغض الطرف و لا تؤمّن العاصمة المحررة عدن؟؟ بل لم يستطيعوا تأمين شارع واحد و جولة واحدة يكثر فيهما القتل...
هناك جهات إذن, لا تريد لعدن إلا أن تظل هكذا.. وسط رحى الموت و بين مطرقة الخوف و سندان العبوات الناسفة و الاغتيالات.. هناك إذن جهات و أناس مستفيدون من وضع كهذا.. وهم يريدون أن يبعثوا رسائل مختلفة من جهات مختلفة و إلى جهات مختلفة..
فحكومة الرياض معززة بدول التحالف يهمها في المقام الأول أن يقبل الجنوبيون ما يخططونه و يطبخونه لهم من أقاليم أو غير ذلك, فرارا من جحيم الموت هذا..
ورسالة أخرى إلى الجنوبيين كافة , مفادها : الانفصال أو المطالبة بالاستقلال شر لكم, وإذا فكرتم.. مجرد التفكير في الانفصال فهكذا سيظل حالكم, وعلى المتضرر اللجوء إلى الوحدة.. ولا منجى لكم من هذه الأوضاع, ولا أمن ولا استقرار إلا تحت ظلال الوحدة..
ورسالة موجهة إلى الشمال, مفادها : لو فكرتم في تحرير صنعاء, و مساندة التحالف ضد صالح و رهطه. فهكذا سيكون حالكم .. أي مثلما يحدث في عدن سيحدث في صنعاء, من قتل و تفجير و اغتيالات.. العجيب أنهم يرسلون رسائل مختلفة بعبوة واحدة.. كلها من بريد عدن..
لكنها عدن!! مدينة السلام و الحب و الوئام, ستضمد جراحاتها عن قريب, وتلملم أحزانها.. ولن يطول بها المقام , فسوف تشرق شمسها من جديد, و تستنشق هواء نقيا لا تخالطه روائح البارود و الحرائق و لا أصوات الانفجارات و القذائف..