التغيير سنة من سنن الحياة ، وهو أمر حتمي لا مفر منه ، والمناصب وجدت لخلق أجواء ملائمة للعيش ، وهذا لا يعني أن الذي تم تغييره لابد أن يكون مقصراً ، فهذا المفهوم خاطئ وشاذ ، لأنه ربما يتم تغير أحدهم لأجل أن يناط له منصب أخر أرفع منه .
وبعد تجديد الدماء في هرم السلطة بالمحافظة وتعين محافظاً جديدا كانت التساؤلات تأتي من كل فج عميق ، أغلبها كانت تستقري وتبحث عن خبرة المحافظ ، وانجازاته في ما سبق ، ايضا كانت هناك مطالب كثيرة نجدها تتكرر باستمرار في مواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك وغيرها .
لا يعني ذلك أن المطالب تعني عدم تحقيق شيء على أرض الواقع في فترة المحافظ السابق ، أبدأ ، ولكن المواطنين البسطاء يطلبون طلبات كنوع من التجديد ، والسير على طريق المحافظ السابق ، والاقتداء به ، والحفاظ على ما أنجز ، ايضا إتمام الصفقات المتعثرة ، وتكملة ما تم بدأه في خطط عمل قريبة وبعيدة المدى .
فالعطاء يعني إتمام ما لم يتم ، واستحداث مشاريع أخرى ، والعناية على ما في اليد ، وتحديثه ، وتحسينه ، وترميمه ، وتأهيله ، أو تأهيل القائمين عليه .
هنا في هذا المقال سأوثق مجموعة مطالب نرجوا من المحافظ الكريم أن ينجزه أو بعض منها حسب قدرته وقدرة ميزانية المحافظة .
ربما يرى المحافظ و القارئ أن بعض المطالب قد تكون صعبة أو كبيرة ، إلا أنني أنطلق من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : { فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس } ، وهذا الحديث يعلمنا الهمة في مطالبنا ، كون المسلم لابد أن يطلب عظائم الأمور ، ولا يكتفي بالطلبات العادية ، لذلك نرجوا أن نجد تجاوب في الطلبات إما بانجاز بعضها ، ودراسة البعض الأخرى ، لتنفيذها في الفترات المقبلة بإذن الله .
1- المهرة مجتمع متدين بالفطرة ، مجتمع يمتاز بمكارم الأخلاق ، والمعلوم أن معيار النجاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم هي التمسك بالدين وتطبيقه ، ومخالطة الناس ، وهذا مطلب ضروري لمن أراد أن يلي أمرا من أمور المسلمين في وقتنا الحاضر ، ولا تقتصر بالمحافظ وإنما بكل مسلم أكان مديرا أو فلاحا انطلاقا من الحديث الشريف : " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " وهذه المسؤولية العظيمة تستوجب إيجاد البيئة المناسبة للنجاح ، واتخاذ من يعينك على ذلك من الوكلاء والمدراء والمستشارين والبطانة الحسنة .
2- على المحافظ أن يعتبر كل أهالي المحافظة " عياله " فيأخذ بيد الضعيف ، حتى يستوفي حقه من القوي ، والعدل أكان لفظيا أو فعليا هو أساس الحكم الراشد ، فالمهمة عظيمة ، والله جل شانه يسألك يا سيادة المحافظ عن كل صغيرة وكبيرة .
3- الحفاظ على ما أنجز من ملف الأمن والاستقرار من قبل المحافظ السابق ، وجعله أهم الملفات لديك ، بل وإيجاد أفضل السبل لتدعيم ذلك ، فالأمن مطلب ضروري لازدهار المدن ، قال الله تعالى على لسان نبي الله إبراهيم عليه السلام { وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَل هَذَا البَلدَ آمِنًا } ، ومتابعة الجهات الأمنية باستمرار والتأكد أنها تقوم بأعمالها على أكمل وجه .
4- انتهاج منهج الشورى ، وتقبل الآراء مهما كانت تلك الآراء ، والاستعانة من كل من يمكن الاستعانة به ، يقول الله جل شأنه : { وأمرهم شورى بينهم } .
5- حسن اختيار فريق العمل ، والذي يجب أن لا يتأثر بالعاطفة ، أو بالعلاقات السياسية ، فيوضع الرجل المناسب في المكان المناسب وان كان ينتمي ذلك الرجل إلى أي انتماء حزبي أخرى ، كون المعيار هو مخافة الله وإتقان العمل وإجادته .
6- على المحافظ تسخير إمكانياته وخبراته للارتقاء بالخدمات وترجمة ذلك على الواقع ، كونه صاحب خبرة في إدارة المحافظة ، فقد تقلد هذا المنصب أكثر من مرة .
7- تعين الكوادر الشبابية في المناصب والمرافق الحكومية ، وتسريح المدراء العموم الذين تقاعدوا وانتهت مدتهم ، فالنجاح يتطلب الجرأة والمجازفة في اتخاذ القرارات الحاسمة .
8- إرجاع الموظفين المتغيبين عن الوظيفة الحكومية أو استبدالهم ، الكثير من الشباب لديهم النية لان يتوظفوا ويعملوا ، وهناك من يستهين بالوظيفة ويتغيب عنها ثم يستلم الراتب فهل يعتبر ذلك عادلا ؟
9- يجب على المحافظ معرفة بثروات المحافظة ، وإمكانياتها ، ومدخراتها ، وكيف تصرف ، والى أي جهة تذهب ، والمحاولة قدر المستطاع من انتزاع الثروات المنهوبة من قبل الفاسدين الكبار .
10- وضع المخطط المناسب في تأسيس " جامعة المهرة " والاستعجال في ذلك ، فمعيار الرقي والتطور ليس بكثرة المباني وإنما بدور العلم والجامعات والمعاهد والمراكز العلمية والبحثية ، والمجتمع أو المحافظة التي لا يوجد فيها جامعة هي محافظة متخلفة ومتأخرة عن ركب الحضارة علميا وثقافيا ، فهل يرضيكم أن نتخلف عن الناس ونكون في مؤخرة القافلة ؟
11- نرجو من سيادة المحافظ أن يتبنى فكرة افتتاح ملتقى أو منتدى أو نادي أدبي – علمي – ثقافي يضم كافة الكُتاب والمثقفين والاعلامين من أبناء المحافظة ، وخلق أجواء ثقافية وعمل ندوات ولقاءات دينية أدبية ، وتبني أطروحات الشباب الثقافية .
12- الحفاظ على التراث ، فمحافظة المهرة لديها تراث زاخر ، فليس من العدل إخراج التحف والمعروضات من متحف الغيضة أثناء المهرجانات المدرسية ، لان ذلك يعرضها للتلف ، ايضا يجب الحفاظ على القصور التاريخية والحصون والمساجد التاريخية في المحافظة وعدم تكسيرها وتدميرها بحجة توسعتها ، ولتفادي ذلك بالإمكان بناء مساجد كبيرة في مناطق أخرى .
13- تفعيل الدور الإعلامي وإنشاء مواقع الكترونية ، ودعم الشباب في ذلك ، فقد كان أكثر موقع إخباري بجهود شبابية توقفت لضعف الدعم وعدم سداد المبلغ المطلوب لشركات الراعية مثل موقع المهرة نت ، والغيضة نت ، والمهرة اليوم ، ايضا لابد أن نؤكد أن التطور الإعلامي في العالم جعل العالم يتجه الى المواقع الالكترونية .
14- الاهتمام بالأنشطة الشبابية والرياضية ، وعمل بطولات تجمع كافة الاندية في المحافظة لتوجيه الشباب على الرياضة بدلا من الفراغ الذي قد يجعلهم يتجهون الى أعمال سيئة .
15- الاهتمام بالمستشفى والمراكز الصحية ، وتطويرها ، ورعايتها رعاية تامة ، وبدل كل ما يستلم في ذلك ، كون المستشفى يفتقر الى الكثير من الأقسام الحيوية .
16- يجب على المحافظ أن يتابع الأعمال ، فلا ينام ليلته إلا وهو أشغل الكل ، تارة يستدعي فلان ويحاسبه ، ويراجع معه ، وتارة يعمل زيارة خاطفة لكل الدوائر ، فيبدأ في المستشفى ، ويزور المرضى ، ثم يذهب إلى المدرسة ، ويشجع الطلبة ، ويخلق فيهم حب الوطن والانتماء .
17- استحداث صندوق بمسمى " صندوق الشكاوي " وهذا يجعل المحافظ يعرف بواطن الخلل والضعف الإداري ، بل وينصف الناس .
18- يجب ردع كل من غصب أراضي الناس بقوة السلاح أو القبيلة ، وإعادتها الى أهلها ، ايضا لا ننسى أن هناك من سكن المرافق الحكومية ولم يكتفي بذلك وإنما بدأ يبيع ويشتري فيها ، وهذا الذي يسمع عنه في المجتمع ، ويجب التأكد من صحة تلك الأخبار .
19- على المحافظ أن يحارب الآفات الكثيرة مثل المخدرات والتهريب وابتزاز المواطن والرشاوي ويتحرى النزاهة إلى ابعد حدود .
20- ظهرت مشكلة البترول والغاز والكهرباء في الآونة الأخيرة ، لابد إيجاد الحلول السريعة ، وخاصة مشكلة الغاز المنزلي ، فالكثير من المواطنين يشتكون من ابتزاز الذي يجدونه إما من المحطة أو المتنفذيين ، حتى بات المواطن البسيط لا يستطيع شراء اسطوانة غاز ، وليس من العدل ان يظل المواطن يتردد الى شيوخ الحارات أو غيرهم ليلقى عندهم اسطوانة وكأنه شحات .
21- عمل لقاءات وزيارات مع شيوخ القبائل وشيوخ الحارات ، والتأكيد على ان النجاح لن يأتي من شخص واحد وإنما بتكاتف الجميع ، وترسيخ الأخلاق الإسلامية الحميدة من نبذ الكراهية والطائفية والعنف والتي تخلق الثارات بين أبناء المجتمع الواحد .
في الأخير أحببت أن أؤكد أن مخافة الله ومراقبته في كل صغيرة وكبيرة هي التي تنجي أحدنا ، والإتقان في العمل وكذلك الإحسان لن يترك مجال لأحد بانتقادك .
أرجوا من الله ان يوفقك سيدي المحافظ ، ويريك الحق ، ويخلق لك البطانة الصالحة ، ويسدد خطاك ، ويرشدك فيما هو صلاح دنيانا وأخرتنا .
*- عمر علي نيمر – المهرة