للعقول فحولة مثل فحولة الرجال يمكن ان تكون خصبه وولاده ومثمرة ، مليئة بالأفكار والجسارة ، لكن يمكن ايضا خصيها مثلما تخصى فحول الماعز ، فتذبل وتضمُر وتخمل وتموت ، وعندها تفقد اي قدرة على الخصوبة والإبداع .
والذي يبدو ان عفاش تمكن من خصي الكثير من العقول حوله ، وبالذات ممن يحملون قبل أسماءهم لقب دكتور ، وحوّلهم الى مجرد اغوات فكرية يرددون ما يقوله كالببغاوات ، يتركون له عقولهم يحشوها بما يريد ، كما هو محشي الكوسة او اوراق العنب ، وفي اغلب الأحيان تكون الحشوة سيئة وفاسدة وغير مستساغة الطعم ومكانها الطبيعي هو الزباله ، ومع ذلك يقبلون ان يتحولوا الى مجرد محشي رديء بمذاق غير مستطاب ، ثم يرسلهم الى اي مكان يريد لا ليحاوروا او يناقشوا بل ليصبوا ما قام بحشوه وتعبئته في رؤوسهم من اطروحات او مقترحات ، فتكون النتيجة ظهورهم بمظهر الحمقى والمغفلين الذين لا منطق لهم ولا عقل .
حصل هذا مع كل الذين تحلقوا حول عفاش في سنوات مجده طمعا في هبه او راتب او منصب ، ايام كان عفاش يأمر وينهي ويعبث كما لو كانت البلد من بقايا ضيعة الوالد ، وعندما قامت ثورة الشباب في 2011 وبالذات بعد جمعة الكرامة المؤلمة ، أطلق بعض الأحرار- ممن كان يعز عليهم هوان انفسهم – لغضبهم المكبوت العنان في التعبير عن نفسه من خلال الإنضمام الى المعارضة ، او البقاء كمستقلين ، او بالإنضمام الى فريق هادي عدو عفاش الرئيسي اليوم .
كل من بقي في عقله شيء من الخصوبه والإستقلالية تمرد على وصاية عفاش ، نتذكر جيمعا ان الدكتور الإرياني رحمه الله كان من اوائل من تمردوا ، وكان آخرهم الدكتور بن دغر وبينهما آخرين كثر ممن كان لا يزال في عقولهم بقايا من خصوبه تمكنهم من اتخاذ قرار على هذا القدر من الشجاعة والإستقلالية الفكرية .
من تبقى حول عفاش اليوم هم من تم إخصاءهم بشكل كامل ، ولا امل معهم في علاج او شفاء ..
تذكرت هذا اليوم وانا اقرأ تقريع وتوبيخ الأستاذ عبد الملك المخلافي وزير الخارجية للدكتور القربي الذي لم يخجل – حتى بوجود فريق الأمم المتحدة - من التصريح بأن حصار تعز مجرد شائعة او زوبعه اعلاميه ..
القربي مثال للإخصاء الكامل .. فرغم الأحداث الجسام التي مرت ببلده من قيام ثورة الشباب على حكم فاسد مستبد ، الى اقتحام صنعاء من قبل الميليشيات وقيام عفاش بتسليمهم معسكرات الجيش وسلاحه ، الى قيام هذه الميليشيات مع الجيش العفاشي بغزو المحافظات بما فيها محافظته البيضاء وممارسة صنوف القتل ،والقصف ، والنسف ، والتنكيل ، بالمواطنين العزل والإعتداء على مدنهم وقراهم بما فيهم اهله ، وهو لا يحرك ساكنا كمن لا يرى او يسمع .
ثم يأتي اليوم ليقدم لنا اوضح دليل على ان اخصاءه قد تم بشكل كامل ونهائي عندما يقبل ان يضع نفسه في هذا الموقف المهين بإنكار حقائق لا تقبل التشكيك او النكران .
التوثيق الإعلامي ، والحقوقي ، ومنظمات المجتمع المدني ، والمنظمات الدولية كلهم مجمعون بالأدلة والبراهين والصور والفيديو على ان مأساة تعز المحاصرة لا تنتمي الى عصرنا بل الى عصور الهمجية والبربرية والتوحش ، ومع ذلك يتجرأ المخصي على تحدي كل هذه الحقائق ليصرح في محفل دولي بمثل هذا التصريح المعيب والمخجل .
نكران الحقائق الواضحة والمؤكده والموثقه لا يقوم به الا من فقد استقلالية عقله ، واصبح كما يقال عبد المأمور يردد فقط ما يراد منه ان يقول ولا شيء آخر .
اي رجولة بقت لكم اذا فقدتم انسانيتكم .. ؟
هكذا خاطب الأستاذ المخلافي زميله القربي في اجتماع اليوم في جنيف2 ، ولعله بهذه الكلمات حاول ان يستثير عنده بقايا من نخوة او شهامة اوغيرة على وطن وشعب يذبحان امام عينيه ثم لا يجد غضاضة من الوقوف امام العالم لينكر – ببجاحة قل نظيرها - هذه المذابح .
مناشدة الأستاذ عبد الملك المخلافي لن تجد لها صدى يذكر عند اصحاب العقول المخصيه ، هذا امر أكيد وحتمي ، لكن عليه ان لا يحزن وليتذكر هنا قول الشاعر :
ولو نارٌ نفختَ بها اضاءت ...... ولكن انت تنفخُ في رمادِ ..