شعب الجنوب لن يرضى بتكرار أخطاء الجبهة القومية في الماضي

2015-09-28 23:10
شعب الجنوب لن يرضى بتكرار أخطاء الجبهة القومية في الماضي

السير همفري تيفيليان آخر مندوب سامي بريطاني في يوم 29 نوفمبر1967م يلوح بقبعته لأسراب المروحيات البريطانية المغادرة لعدن عشية الاستقلال

شبوه برس - خاص - عدن

 

يبدو أن زمن المغامرين لم ينتهي فهناك من تتملكه النزعة للقضاء على معارضيه لمجرد أن حلما في السلطة راوده.. ، وللتاريخ الجنوبي القديم والحديث وقفات وأحداث تؤكد لنا أننا من أكثر الشعوب سقوطا في هذا المستنقع ،فهل أن الأوان لنطهر أنفسنا من ادران هذا الصراع ونحطم صنم ثقافته الذي نصبناه في كل ميادين حياتنا لأننا صمتنا على هؤلاء المغامرين !!

 

يتحدث الكاتب (عبده حسين ادهل ) في أحد فصول كتابه ( الملف المنسي لأحداث اليمن الجنوبية )عن صراع القوى الجنوبية ابان مرحلة التحرر في الثورة الجنوبية الأولى ،وفي الفصل الذي عنونه ب ( تنافس خسر مبرراته ) أورد الكاتب بعض حقائق الصراع التي أدت إلى (الاستقلال الضائع ) وسأورد بعض مقتطفات  محتوى هذا الكتاب الذي يمثل وجهة النظر الأخرى في مرحلة من أهم مراحل التاريخ الجنوبي الذي يجب على كل جنوبي إعادة قراءتها والتفكر فيها ودراسة كل جوانبها وأحداثها !!

 

(( ينسب كل فريق من الأحزاب وكل فئة  سياسية إلى نفسه أنه أول من أشعل حرب التحرير في الجنوب اليمني ، وفي فترة سابقة اعتبر العديد من القوم الانتساب الى العمل الفدائي  والمقاومة المسلحة وكأنه صكا ))!  

 

وللمقارنة مع ما طرحه الكاتب في هذه الجزئية فالساحة الجنوبية اليوم بعد الانتصار والتحرر الثاني تعيش نفس الحالة فنرى كل من امتلك بندقية واغدق عليه بالمال والذخيرة وخرج علينا في هيئة بطل سلسلة الافلام الأمريكية ( رامبو ) أصر انه مقاوما وأنه صاحب اول شرارة في تفجير معركة دحر العدوان ، كما أننا نرى نفس الطفيليات التي أشار إليها الكاتب والتي ترى أن الانتساب الى المقاومة صكا  !!

 

وفي موقع آخر من الكتاب أورد الكاتب :-

 

((يدعي حزب الجبهة القومية الذي أسسته القوات المصرية في تعز ج.ع.ي  وتكون بأثر رجعي يسبق التاريخ المعلن  يوم 14 أكتوبر 1963م بأموال وأسلحة مصرية وتدريب مصري بأنه مفجر  حرب التحرير في الجنوب وأول من أشعل شرارة (ردفان)كرد فعل على موقف بريطانيا من مصر عبدالناصر ومن وصول القوات المصرية إلى أرض اليمن لمساعدة ثورة 26سبتمبر1962م..)) !!

 

(( وهناك من قال بأن قنبلة مطار عدن التي ألقيت على المندوب السامي البريطاني السير كينيدي ترافاسكس يوم 10نوفمبر1963م كانت الشرارة الأولى في حرب التحرير في الجنوب لأنه عمل وطني استهدف إفشال مخطط استعماري خطير للمنطقة بأسرها...)) !!

 

(( وهناك من قال بأن خطاب الرئيس ناصر الذي ألقاه على مجموعة من اللاجئين الجنوبيين في اليمن وندد فيه بالاستعمار البريطاني في الجنوب وقال عبارته الشهيرة أن على الاستعمار البريطاني في الجنوب ان يحمل عصاه ويرحل،  كان أول شرارة في حرب التحرير..)) !!

 

((وهناك من يرى بأن تمرد السلطان أحمد بن عبدالله الفضلي سلطان ولاية أبين ووزير الإعلام في حكومة الاتحاد الفيدرالي في مؤتمر لندن الدستوري في يونيو1964م ونزوحه  إلى القاهرة وإعلانه  الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني في الجنوب كانت الشرارة الأولى في حرب التحرير..)) !!

 

((وهناك من يدعي بأن السلطان محمد بن عيدروس العفيفي سلطان يافع العليا وقتاله ضد الاحتلال البريطاني خلال الخمسينيات وفي مطلع الستينيات كان له الفضل في إشعال الشرارة الأولى لحرب التحرير. ..))  !!

 

(( وهناك من ينسب إلى الحركة العمالية في الجنوب وجناحها السياسي - حزب الشعب الاشتراكي - كونها اول مسمار في نعش الاستعمار وأول من أشعل شرارة حرب التحرير بإلقاء قنبلة المطار على المندوب السامي البريطاني..))..وهناك من . ومن . ومن .!!

 

وختاما لهذا الفصل يضيف الكاتب قولا آخر حيث يرى (( الحقيقة أن كل هذه الأقوال المتعددة المزاعم تجحد وتتناسى عن عمد وسوء قصد أو بسبب جهل فاضح بالتاريخ قوافل الشهداء في حرب تحرير الجنوب منذ اليوم الأول الذي احتلت فيه القوات البريطانية عدن يوم 19يناير1839م ، ويقول الكاتب في هذا الجزء انه اذا جاز لنا القول فإن التاريخ يشهد بأن دفاع العدنيين عن مدينتهم عدن بقيادة الضابط العدني "راجح عزب" ومقاومة أهل عدن البواسل للغزو والوجود البريطاني بعد ذلك كانت الشرارة الأولى في حرب التحرير والتي استمرت خمسة عشرة سنة بعد احتلال بريطانيا دون انقطاع وامتدت هذه المعارك ضد القوات البريطانية لتشمل بعد ذلك ريف عدن وما عرف بعد ذلك  ب محمية عدن ، واستمرت هذه المعارك حتى يوم 29 نوفمبر 67م وهو يوم الجلاء عن عدن .))  !

 

 كل ما أورده الكاتب (بين الاقواس) من أقوال وادعاءات كما أسماها يضاف إليها قوله الذي يعبر عن وجهة نظره ، كل ذلك يؤكد لنا حقيقة واحدة وهي أننا اضعنا الوسيلة التي بها نخلق التقارب فيما بيننا وهي الحوار الذي يقبل بالآخر ، فكل الأقوال التي وردت في سرد الكاتب لحالة ثوار الأمس ممكن تكون مجتمعة من أسباب انتصار الثورة آنذاك اذا تحاور أصحابها وقبلوا ببعضهم ، كما أنها جميعا تعد أحجار في صرح  ذلك الانتصار !!

 

اليوم نصرنا العظيم تتقاذفه نفس أمواج الأمس  ، وتسيطر على المشهد نفس الصورة القاتمة فالكل يدعي صناعته للنصر وكل طرف ينسبه لنفسه  بجلافة وقلة إدراك  وقلة تجربة بل إننا نرى من يحاول صنع جبهة قومية جديدة بأموال بعض الأطراف التي ترعى لقاءات أولئك النفر !!

 

اليوم الجميع مطالبون بالتقارب لا أن يكرسوا  جهودهم لتزوير الحقائق  وابتداع الروايات لخلق واقع مزيف يجعل منهم قيادات ومقاومون وأنهم أصحاب الحق في سرقة الجنوب هذه المرة،  فالوعي الجنوبي ارتفع  وجراح سرقة النصر الجنوبي الأول وتوابعها وسعت الهوة  بين ألوان الطيف الجنوبي القبلي والمناطقي والسياسي والمجتمعي وأي تصرف اهوج وغير مسئول ينطلق من البحث عن غنيمة أيا كانت  سيقود إلى كارثة ، فليستغل أبناء الجنوب  التقارب الذي خلقته ثورة الحراك الجنوبي السلمي وتوجته معركتنا الأخيرة ونصرنا على جحافل صالح والحوثي ويعملون على ترسيخ ثقافة القبول بالآخر والاعتراف بالمشاركة في صنع الجنوب القادم القائم على الفيدرالية !!

 

*بقلم : عبدالكريم سالم السعدي