ستبدأ الحوارات الرسمية المعلنة بين السلطة الشرعية والانقلابيين، وسيتفاوض المتفاوضون على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي المتخذ تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهذا أمر يحمل الكثير من المفارقات وأولها أن المنظمة الدولية التي اتخذت القرار هي من يفاوض السلطة الشرعية مطالبة إياها بتعديل مضمون القرار والتخلي عن بعض بنوده، والمفارقة الثانية أن الطرف المتعنت والمعتدي والمتخذ بحقه قرارات عقابية بسبب جرائم معروفة قد أضاف إليها عددا كبيرا من الجرائم الجديدة بينما يطالب بإسقاط بند العقوبات من القرارات السابقة.
قلنا مرارا إن أي تسوية سياسية للقضية اليمنية يجب أن لا تمنح أي تنازلات لمرتكبي الجرائم وقادة الحروب ومن أزهقوا الأرواح ودمروا المنشآت وأشعلوا الضغائن وقضوا على الوشائج الوطنية بين المواطنين.
إن أي تنازلات تمنح للمجرمين إنما تمثل تنازلا عن دماء وأرواح الآلاف من ضحايا العدوان وهو حق لا يجوز لأحد التنازل عنه إلا أولياء أمورهم.
وإذا ما علمنا أن جرائم ٢٠١٥م ليست سوى جزء من سلسلة التاريخ الإجرامي لهؤلاء فإن أي تسوية يجب أن تنص حرفيا على تقديم المجرمين إلى العدالة الوطنية والدولية، ولا يكفي معاقبة الخمسة الواردين في قرار مجلس الأمن بل يجب ملاحقة كل من قاد وخطط ومول ونظم وبرر ارتكاب جرائم القتل والعدوان والتدمير والتهجير وزراعة الألغام التي حصدت مئات الأرواح.
على السلطة التي تقول أنها شرعية أن تعلم أن شرعيتها أمام المحك فإن تمسكت بحق دماء وأرواح الشهداء وقدمت من دمروا البلاد وأهلكوا العباد للمحاسبة لينالوا الجزاء العادل فقد برهنت أهليتها للشرعية أمارإذا تخلت عن تلك الضحايا في سبيل الحفاظ على ماء وجوه القتلة التي لا ماء لها، فإن هذه الشرعية تكون قد فقدت أهليتها وصارت شريكة في كل الجرائم المرتكبة والدمار الحاصل.