لا بد أولا من التوجه بأسمى آيات العزاء والمواساة لأشقائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وهو كذلك لكل أهالي شهداء المقاومة اليمنية في الشمال والجنوب، باستشهاد عدد من الجنود والضباط في مواجهة التمرد الانقلابي، ونسأل الله أن يتغمد هؤلاء الشهداء وجميع شهداء مواجهة الانقلاب بواسع الرحمة والمغفرة.
ولا بد من الإقرار أن تسجيل حالات استشهاد في المعارك أمر وارد ومعروف فالحروب للأسف الشديد وقودها الأرواح والدماء، ومثلما يقتل العديدون من الطرف المعتدي لا غرابة أن يخطط هذا الطرف للانتقام ليسجل نقطة تفوق ولو واحدة، وفي هذا السياق تأتي حادثة صافر وما نجم عنها من خسائر بشرية لقوات التحالف من الدول الشقيقة، لكن الأمر الذي يستحق التأمل هو لماذا استهدف موقع تواجد هذه القوات دون غيره؟ ولماذا في صافر دون غيرها؟ ولماذا في هذه اللحظة التي بلغ فيها انكسار الانقلابيين ذروته؟
إن مليشيات الحوثي وصالح تتصرف بعد هذا الحادث وكأنها سجلت نصرا ساحقا على قوات التحالف والقوات المناوئة للانقلاب وعلى الرئيس هادي بشخصه، وهذا ما يمكن قراءته في ما ينشر على المواقع الإعلامية التابعة لطرفي تحالف المليشيات، لكنهم لا يعلمون أنهم بهذه العملية قد أجبروا قوات التحالف العربي على مضاعفة الجهد للإسراع في حسم المعركة حتى النهاية، وقد أكد ذلك ما شهدته صنعاء من اشتداد للقصف بمختلف الأسلحة على المواقع العسكرية ومخازن الأسلحة والمعسكرات القديمة والمستحدثة وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة تحالف هذه المليشيات.
من الواضح أن هناك سوء تقدير للموقف في مناطق التماس الشمالية سواء من حيث قدرات طرفي الحرب، أو من حيث تأمين جبهة المقاومة وقوات التحالف، والتيقن من عدم وجود أنصار لتحالف (الحوثي ـ صالح) داخل القوات اليمنية التي تدعى مناصرتها للشرعية، أو من حيث وجود أو عدم وجود حاضنة شعبية لتحالف (الحوافش).
إن عملية صافر قد جاءت نتيجة لاختراق دقيق وناجح لقوات المليشيات داخل صفوف الوحدات التي تدعي ولاءها للشرعية، حيث جاءت المعلومات التي بنيت عليها العملية دقيقة إلى الدرجة التي حققت لمدبري العملية نجاحا لم يكونوا يتوقعونه.
وعلى ما يبدو فإن مراجعة جادة لكل متطلبات المعركة لا بد أن تجرى حتى لا تتكرر صافر أخرى في تعز أو صنعاء أو عمران أو أي مكان من مسارح العمليات العسكرية، وأهم ما ينبغي مراجعته هو التأكد من مصداقية القيادات والألوية والوحدات التي تدعي مناصرتها للشرعية ولكن دون أن تقدم ما يبرهن جدية هذه المناصرة، كما إن فشل القيادة العسكرية والأمنية في الحؤول دون حصول ما حصل يبين أحد أمرين: إما إن هذه القيادات ليست مؤهلة للمهمات التي أسندت إليها، أو إنها تعمل بكفاءة عكس ما تعلن وتقوم بخدمة مخلصة للزعيم الذي نشأت في كنفه وسخرت نفسها له لما يقارب ثلث قرن، وفي الحالتين سيكون تغيير هذه القيادات مطلبا عاجلا لا يمكن التهاون فيه.
لقد مثلت عملية صافر بما اختلط فيها من دماء عربية ويمنية تأكيدا لا يقبل النقاش أن مهمة اجتثاث تحالف الحوثي صالح لم يعد يقبل التأجيل وأن هذا التحالف ليس شرا على اليمن شماله وجنوبه‘ وأن أي تسوية سياسية لاحقة لا بد أن تنص بوضوح على استبعاد القيادات العسكرية والسياسية لهذا التحالف وإخضاعها لمحاكمة عادلة لتنال الجزاء الذي تستحقه لما أراقته من الدماء وما أزهقته من الأرواح اليمنية والعربية.
* من صفحة الكاتب على فيس بوك