بضاعة الموت رائجة!

2015-05-16 13:32

 

كنت أفتش بين أوراقي القديمة ، فوجدت دفتراً صغيراً كتبت عليه عنوان أقوال ماثورة ، وكنت قد شرعت في تاليفها قبل سنة ، اقتبس من دفتري قولاً توقفت عنده يتناسب مع مهاوي العرب الحالية ونحن فعلا نعيش السقوط ونهوي الى دركٍ ما بعده من درك ،قلت في تلك العبارة

 

- صحيح ان الموت هو الأجل المحتوم ،ولكننا نموت بشكل مخيف-!

 

تأملوا ماذا يدور اليوم في -شبوة- التي تختزن أعماق تربتها ما يكفي الوطن ليعيش مستقبلاً مبشراً بالرفاه والرخاء والتطور . واليوم نرى -شبوة- تحترق، وهي الحرب والتي اطلق عليها العرب-أم قشعم- نعم اليوم أم قشعم ترسل صغارها وتوصيهم في ان يسعوا في مناكبها ولا يتركون قاعاً في ارض العرب الا -وقشمعوها-

 

إن أم قعشم - اليوم سكنت وأستقرت وخلّفت في كريتر والتواهي والمعلا وخور مكسر ودارسعد فحولت المحافظة الى دار بلاء ودموع وصيرتها خرائب، فهي اليوم مدن أطلال واشباح ، كما وان مدينة الضالع وقراها تتلقى كل يوم ويلات واسراب من القذائف تحصد الزرع والضرع ،وتعز ومأرب والبيضاء تعيش محاشرها ،وكل الوطن في قبضة الموت وأرضه -السعيدة -مساحة تحاقد وعداء وغل ، غلٌ قد يطولُ ويمدٌ ولا يخشى .

 

كيف الخلاص ؟ سؤال يؤرق كل إنسان ، ويستحث كل ضمير حي إلى إيجاد مخرجاً وسريعاً من هذا التوحش، والخوف أن هذا التوحش سوف يتحول بعد حين الى حالة -مستدامة- فنحصد بعضنا ونطحن أهلنا -طحن الرحا بثفالها- ونستمرء القتل .فنحن وعبر التاريخ شعب يستجيب الى العنف بل ومنذ جاهليتنا، فحرب -البسوس - استمرت ودامت لأربعين سنةً منما تعدون.

 

لقد صفعني بالأمس جواب الرئيس الامريكي -أُوباما -حينما رد على سؤال الصحفية عن سوريا ، وكان يبدو على إجابته الثقة والتمعُن في كل كلمة يقولها حيث كان جوابه- وهذا فحواه-

 

إن الوضع في سوريا لشديد التعقيد ولا ارى حلولاً سهلة ومتاحة ! هذا جواب سهل على الرئيس أُوباما- شديد وصادع ومزلزل على مسامع السوريين ، بل ومخيف على مسامع كل إنسان في هذا الكون الفسيح .

 

ان الجواب من قبل رئيس دولة عظيمة بحجم امريكا على الاقتتال البشع والوحشي في سوريا ، وبهذا الشكل! المخيف ويستدعينا أن نتنبه وندرك ونتدارك امورنا في اليمن قبل فوات الأوان ،فلن ينقذنا أحد من مهالكنا إلاّ أنفسنا.

أن شبح تصدع وتمذهب اليمن وتشظية وطول احترابه واضح وجلي، والأنسان في وطني بداء يتوحش ويفترس بعضه بعضا ، ونحن اليوم قاب قوسين أو أدنى من حرب -داحس والغبراء -

 

ان الوطن اليوم يحترق، وستعم حرائقه، ولسوف لن يساعدنا أحد بل ولسوف يلمون ويجمعون حوله الحطب ليشتعل ويتشعلل ثم يقولون هذا فوق قدراتنا في أيجاد الحل وفرض شروط السلام واخماد حريقة المستعر !.

 

أن اخلاقنا وضميرنا اليوم في الميزان . واذا أختلت الأخلاق ، توحش الأنسان ،فقد قتلوا من قبل أنبياء الله ، وبعد سنوات بكوا وناحوا عليهم، بل ودخلوا في دين الله افواجا .

واعيد ان اختبار رشدنا واخلاقنا هو في لحظة الطيش هذه ، وعلينا ان نتعلم كيف نكبح جماح أحقادنا ، فهل تنجدنا اخوتنا ورشدنا وديننا وأخلاقنا ؟وهي اليوم على المحك وفي الميزان ،واردد هنا قول الشاعر

وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقهمْ*** فأقمْ عليهم مأتماً وعويلاَ

 

* فاروق المفلحي - كندا