رفعت الأقلام وجفت الصحف

2013-01-14 19:40


رفعت الأقلام وجفت الصحف وما عاد يجدي الكلام فيما لا يفيد .. هكذا لخصت الملايين في الجنوب قولها من خلال ثلاث مناسبات متتالية شهدتها عدن في أكتوبر ونوفمبر من العام الماضي وختمتها بعنفوان أكبر في مهرجان التصالح والتسامح في يناير الجاري معلنة من خلالها موقف الشعب ورؤيته، ومحددة خط سير ثورته الواضح الذي لا اعوجاج فيه ، ولتبعث بالمناسبة ذاتها رسالة بالغة القوة للداخل والخارج إن القرار ليس قرار الغرف المغلقة ولا قرار السياسيين إنما هو قرار أولئك الملايين من البسطاء المعفرة وجوههم بتراب الأرض المنتمين لها حبا ووفاء لا مصلحة ولا غنيمة، وان ليس من قوة على وجه الكون تستطيع إن تصادر حق هذه الملايين وتتبنى خيارات ليست خياراتها أو تملي عليها حلولا لا ترضاها.
لم تترك الجماهير الحاشدة القادمة من كل حدب وصوب من ارض الجنوب، مجالا لممتهني التشكيك بقدرة الجنوبيين على التوحد والتكاتف خلف مطلب واحد وفي ساحة واحدة، كما أكدت إن الرهان على شق الصف الجنوبي بات موضة قديمة ينبغي إن تسقط من حسابات خصوم القضية الجنوبية، كما ينبغي إن يغادر لصوص الثورات مربع الوهم والتآمر في إمكانية الالتفاف على هذه الثورة أو محاولة سرقتها لمصلحتهم ومصلحة سادتهم من أولياء نعمهم.
من هنا يبدو عبثا وغباء إن يعاود البعض تكرار محاولات شق الصف الجنوبي أو البحث عن هياكل ودمى تحل محل هذه الجماهير أو إن تدعي حضورها كند فاعل ومؤثر في الساحة الجنوبية يظن ان من حقه تمثيل القضية أو الحديث باسمها كما كان ولازال مغفلو الإصلاح يفعلون ويجتهدون في ذلك دون يعتبروا بما وجه إليهم من صفعات في الساحات والميادين وأمثالهم كثير وكثير من المتسلقين الذين يعتقدون أنهم يصلحون للاستخدام السياسي في المراحل.
بالسلم قالت الجماهير الكلمة الفصل إن رفعت الأقلام وجفت الصحف ولا خير في كثير من النجوى ومن يحاول تجاهل إرادة هذه الجماهير واستفزازها وضياع المزيد من الوقت إنما يدفع بها نحو خيارات أخرى خيارات ليس من مصلحة احد انتهاجها .
من المهم بالنسبة للمعنيين بمعالجة القضية الجنوبية في الداخل والخارج التقاط اللحظة وان يعملوا بمبدأ الصدق مع الذات قبل الصدق مع الجماهير بكونها الحامل الشرعي لقضية شعب الجنوب وان يدركوا أنهم إذا كانوا اليوم يكابرون عن الاعتراف بالواقع كما هو ويرفضون تسمية الأشياء بمسمياتها فأنه سيأتي عليهم اليوم الذي سيجدون فيه أنفسهم يلهثون بحثا عن الحل الذي هو الآن بين أيديهم ويتعمدون عدم الالتفات إليه .