كل قيادات مكونات التحرير والاستقلال اليوم عاصرت إعلان الوحدة والأزمة ثم الحرب والاحتلال ، وشاركت في مختلف حالات الرفض للواقع المفروض جرّاء الحرب والاحتلال وصولاً لإعلان بدء الحراك السلمي المنظّم في 7 يوليو 2007م من ساحة الحريّة خور مكسر بمطالب حقوقيه لم تلقى استجابة … تصدّر العسكريون هذا الإعلان الذي كسر حاجز الخوف ، وبدأت المرحلة الثانية بظهور المكونات وارتفاع سقف المطالب لتتحدث عن ندّية الجنوب في الوحدة في ظل تعامل نظام صنعاء مع الجنوب كفرع عاد للأصل .. في هذه المرحلة ظهرت شعارات استعادة الدولة وفك الارتباط للتأكيد أن الجنوب دولة دخلت مع الجمهورية العربية اليمنية شريكاً في الوحدة ، وتجاهل هذه الشراكة الندية استدعى رفع شعارات ( المطالب الندّية ) بين طرفي الوحدة والتهديد بعودة الجنوب الى وضعه قبل الوحدة ، وشعارات هذه المرحلة من الثورة لم تخرج عن الهوية اليمنية للجنوب ، أما المرحلة الثالثة والأخيرة للتصعيد الثوري الذي شارك فيه مناضلي كل مكونات الثورة الجنوبية المؤمنة بالتحرير والاستقلال، فقد قطعت الشعرة التي ظلت تربط اليمن بالجنوب العربي ( يمننة الجنوب ) ..
من سمات هذه المرحلة توصيف الوضع القائم في الجنوب ( احتلال) وإعلان التمسّك بهوية الجنوب العربي كهوية أصيله لشعب الجنوب وإعلان هدف التحرير والاستقلال … نلاحظ أن كل مرحلة لها شعاراتها التي تناسب مطالب الشعب الجنوبي ونلاحظ رفع السقف التدريجي للمطالب ، فحين لم يستجاب للمطالب الحقوقية ارتفع السقف الى المطلب الندّي للجنوب في الوحدة ، في ظل القبول بالهوية اليمنية ولم يستجاب له ايضاً من قبل نظام صنعاء الذي تتفق كل قواه المتنفذة على ان المساس بالوحدة (خط أحمر) وأن الجنوب ( جزء لا يتجزأ من اليمن ) (فرع من أصل ) .. إزاء هذا لم يكن امام قادة ومناضلي الثورة الجنوبية غير التخلي كلياً عن الهوية اليمنية التي فُرضت على شعب الجنوب بتسمية دولة الاستقلال في 67م … والتمسّك بالهوية التي لم يستطع الطرفين الموقعين على وثيقة الاستقلال في نهاية نوفمبر 67م ( وفد المملكة المتحدة البريطانية و وفد الجبهة القومية ) ان يتجاهلاها ، بل تصدّرت وثيقة الاستقلال بتسمية الجنوب العربي ( كأرض وهوية ) ..
من هنا ارتفع شعار التحرير والاستقلال وشعار الجنوب العربي وطن وهوية وتاريخ ، وبقي فريق متمسّك بشعار استعادة الدولة ، وقيادات هذا الفريق تدرك ان هذا الشعار لم يعد مناسب لهذه المرحلة ، لكن ترسّخه في أذهان الثوّار هو المعيق لإلغائه بصورة مفاجئة كما يقولون السكوت عن الخطأ يوقعنا في خطأ أكبر والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، وقد لدغنا عندما تغاضينا عن هويتنا ورضينا الالتحاق بهوية شعب آخر ، والتغاضي عن شعار استعادة الدولة يعني أننا نقبل بالهوية اليمنية وهو ما ترفضه جماهير الثورة التي ترفع هذا الشعار بسبب عدم إدراكها أنه يتناقض مع هدفها المعلن التي سالت دماء الشهداء من أجله ( التحرير والاستقلال ) ..
إنها مسؤولية حلّها يقع بالدرجة الأولى على قيادات المكون المتمسّك بهذا الشعار في هذه المرحلة ، فقد يتحول هذا السكوت من قبل القيادات الى تهمة عليهم ( تأييدهم سراً للفيدرالية ) وتتوسع هذه التهمه سواءً في إطار قواعد مكونهم او من قبل الآخرين .. وحتى لا ترمى التّهم جزافاً علينا مفاتحة إخواننا قيادات ذلك المكون .. ولا أنسى ما سمعته أمس الاول من احد القيادات الفاعلة من ذلك المكون الذي قال :- ( ان هذا الشعار ” استعادة الدولة ” قد ترسّخ في أذهان الكثيرين من قوى الثورة وأصبح من الصعوبة مفاتحتهم بتغييره ) مما يعني أنه مقتنع بتغيير الشعار لكنه يجد صعوبة في مفاتحة من يحملونه ويرددونه في الساحات ، لذلك علينا مساعدتهم في ذلك بدلاً من أن نرمي عليهم تهمة ( التزامهم بالمشروع السياسي للحزب الاشتراكي اليمني / فيدرالية الاقليمين ) ، وأنهم يؤيدون التمسك بشعار استعادة الدولة وغيره من شعارات مطلب القبول بالفيدرالية .. بالمفاتحة والمساعدة نزيل الشك باليقين وتتوحد صفوف مكونات التحرير والاستقلال وقياداتها المناضلة ، ويتوحّد جهد الجميع ضد الاحتلال ويصبح النصر أكثر قرباً .